بقلم - زهر الدين محمد سعد
قريتي المغار إحدى القرى العربية ،قرية عريقة كزيتونها،جميلة تقع على سفح جبل حزور ،تطل على بحيرة طبريا،تحيطها أشجار الزيتون فتزيدها جمالا،اشتهرت بطيبة أهلها وبتعاونهم.
المغار اليوم، قرية فقيرة من الناحية الاقتصادية،تفتقر للمصانع والمناطق الصناعية،معظم سكانها يعملون خارج قريتهم ،قسم كبير في أعمال غير ثابتة كالقطيف والبناء والحراسة،وقسم وجد العمل في الأمن (الشرطة ،حرس الحدود،مصلحة السجون،الجيش)،وبذلك باتت قرانا شبه فارغة في الأيام العادية فلا نلاحظ حركة تجارية وطبعا لا حركة سياحية،قريتنا تجتمع فقط في الأفراح والأتراح .
هناك من توصل إلى أن الوضع الذي نعيشه لم يعد طبيعيا ،فالوضع الذي نعيشه يؤثر في مجمل تصرفاتنا،عندما تزداد البطالة تزداد الظواهر السلبية ،نلاحظ ازدياد حالات السرقة والعنف،نلاحظ العصبية في كل تصرف،حتى في المصرف والبريد والشارع بات التصرف العصبي يطغى على تصرفاتنا ،حتى تعليقاتنا في الانترنيت باتت عصبية تستفز وتحاول بث حالة من الإحباط ،نعم هناك وضع صعب وغير صحي لا احد يؤمن بأبناء المغار،أبناء المغار خارج المغار لهم اسمهم وشهرتهم ،لدينا مطربين حصلوا على أماكن أولى في مهرجانات كمهرجان البقيعة ،ولدينا فنانين يطربون الحضور في عيلبون ولا احد يذكرهم في المغار ولدينا رسامون يعرضون في متاحف البلاد ويصابون بخيبة الأمل عندما يعرضون إبداعهم في المغار ،لدينا شعراء يحصلون على جائزة التفرغ والعديد من الشهادات العالمية ،وفي المغار لا منصة لهم،وهناك رواد مسرح يشهد لهم بالمهنية، ويعرضون في الجولان وحيفا حتى رهط يقف لهم الحضور مصفقا بعد العرض، يبحثون عن انجاح عرض في قريتهم،هناك عازفون وصلوا الإذاعة والتلفزيون والفضائيات يبحثون عن منصة تسمعهم في قريتهم ،وهناك رجال سياسة وفكر وقياديون معروفون في أصقاع الأرض يبحثون عمن يسمعهم من أهل بلدهم.
هل حقا أصبحت المغار حقا ناكرة متنكرة لابناءها المبدعين؟هل حقا يجب على المبدع الوصول إلى اشكول بايس وعرض رسوماته بعد عرضها في أوروبا؟وهل يجب على المطرب أن يغني في مهرجان جرش حتى نقدم له ميكروفون ليطربنا في سهرة الحناء ؟
إن العيش في الغربة يقربنا من المغار ويجعلنا نعشقها ،وعندما نعود نحاول إظهار حبنا وعشقنا لها فإذ بها تعلن تنكرها لنا بل كرهها لنا؟هل نمتلك الوقت لنقول للمغار كم نحبها؟وهل نعطى الفرصة لنعبر للمغار عن حبنا لها؟
لقد امتهن البعض منذ فترة طويلة مهنة التشكيك والهجوم،لم لا يمكنه قول كلمة طيبة لمن يؤثر فينا ويشعرنا بالفخر والاعتزاز؟لم أسهل عليه التجريح وكتابة تعليقات مهينة وبسخرية ولا يستطيع كتابة تعليق بسيط لمن ينجح ؟
قرأت استغاثة طالب في التخنيون متفوق من أهل المغار يعمل أبوه في المجلس المحلي ،اسأل:أليس جميع المعقبين قرؤوا التعقيب؟الم يشعر احد بالفخر والعجز لان الشاب متفوق في دراسة الطب ويسال متى يحصل ابوه على المعاش ليستطيع التفرغ لدراسته بدل البحث عن الحل ؟الم يشعر احد بان الطالب كتب ما كتب بسبب اليأس ؟
أتوجه للجميع لدعم الشاب ودعم جميع المبدعين لنحول المغار إلى بلد يطيب العيش فيه .
انها مجموعة أسئلة اسألها عل أحدكم يحاول الإجابة على بعضها.
وللأخ الطالب المتفوق افتخر بك وأتمنى أن تكمل مشوارك دون قلق بسبب وضعكم الاقتصادي،في مجتمعات ثانية أمثالك احتضنوهم وتعلموا منهم.