الحلم، الكابوس، الحقيقة، والخيال. الكسل والعمل، المعرفة والجهل، الأسود والأبيض الدّنيا والآخرة، الجنّة والنّار، كلمات مُتناقضة قليلة تخطر ببالي ولكل ضدٍّ ضدّه الآخر يبرز حسناته وسيّئاته.
فكلّنا يحلم نائمًا أو يقظًا بأن يرى قريتنا في أحسن أحوالها، فمن منّا لا يريد أن تكون شوارعها واسعة ونظيفة؟! ومن لا يريد أن يسير بها ليلًا فيراها كالنّهار؟! من لا يريد ولا يحلم أن يسود الحب والتّآخي بين النّاس أجمعين؟! من منّا لا يحب أن يكون أولاده متفوّقين ناجحين في حياتهم؟! من لا يحلم بالغنى والسّعادة؟! من لا يحلم ببناء بيت أو حتّى قصر؟! من منّا لا يتمنّى أن يكون محبوبًا من جميع النّاس؟!
لا شك أنَّ كلّ هذه الأحلام تراودنا وتزورنا في مناماتنا ونستيقظ منها لكابوس الواقع ونتمنى لو بقينا نائمين ولا نرى هذا الواقع. بعد أن نستيقظ من الحلم أو سلسلة الأحلام ونرى حقيقة الأيَّام المُؤلمة فالنّاس لا تضمر الخير لبعضها وهذا ينهش في لحم ذاك والأخ لا يتمنّى الخير لأخيه، لماذا كل هذا؟ لماذا كل هذه الأنانيَّة؟ لماذا لا نحب لغيرنا ما نحب لأنفسنا وأكثر ما يضحكني ويبكيني أنّ ساعات الأحلام قليلة أما كابوس الواقع فسنينه طويلة والأحلام تتكسَّر على صخرة الواقع.
ولنقف ونحاسب أنفسنا هل هنالك أحد يستطيع أن يعيد الأمس؟ أما الغد فنستطيع بناءه. فهيا بنا إخوتي نستيقظ من أحلامنا ولنعمل لتحقيقها ولتكُن منارتنا قصيدة شاعرنا وأستاذنا كمال إبراهيم، بعنوان "كابوس" من ديوانه "حديث الجرمق" وتقول :
جهنَّمُ أضحَتْ مِرْآتي
والجَنَّةُ باتتْ تشْتُمْ
كابوسُ الظُلمِ يُخاطِبُني
كلماتُ السُّخطِ تثور ...
أجراسٌ تُقرَعْ
أصْواتٌ تُسْمَعْ
مِنْ كهفٍ
مِن قبرٍ
مِنْ كلِّ مكانْ
أصْنامٌ تنعى
أشباحٌ تتلو أشباحْ ...
جهنَّمُ أضحَتْ مِرْآتي
والجَنَّةُ باتتْ تشْتُمْ
كابوسُ الظُلمِ يُخاطِبُني
كلماتُ السُّخطِ تثور ...
أجل إخواني، لنتّحد ونتوحّد جميعًا في نصرة الحق وفي محبّة بعضنا. ولنكُن كلّنا يدًا واحدة تجمعنا يد الله ووصاياه. ولتكُن أيادينا حُرَّة نُحرّكها كيفما نشاء لتوصلنا إلى أهدافنا ولا نريدها مغلولة مُقيّدة، فقد خلقنا الله لنكون أحرارًا.