شيعت جماهير غفيرة من أهالي الشوف وسائر البلدات والمدن في لبنان بحضور زعماء سياسيين أرملة المعلم الراحل كمال جنبلاط والدة رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط ، بمشاركة جمهور غفير من رجال دين دروز ومن كافة الطوائف الأخرى في لبنان . والراحلة من مواليد 1928 في جنيف بسويسرا وهي ابنة الامير الدرزي شكيب أسلان وتلقت دروسها في الليسيه وتابعت تعليمها في فرنسا.
وهذه نبذة عن مسيرة المرحومة :
رحلت السيدة مي أرسلان جنبلاط في ليل يفتقد فيه البيت الجنبلاطي البدر، يفتقد فيه لبنان سيدة صلبة حفرت آثارها عميقًا في تاريخ الموحدين وتاريخ دار المختارة، قبلة الجنبلاطيين. فهي وريثة أمير البيان، الأمير شكيب أرسلان، الذي ذاع صيته في العالمين العربي والاسلامي، رافعًا لواء الوحدة العربية، ومناديًا بانفتاح إسلامي يغني حوارًا بين الشرق والغرب لا بد منه، كي يأمن هذا الشرق العربي المسلم شر غرب اعتاد النيات الاستعمارية، كما كان باديًا في أيام الأمير. وما قعد الأمير الأرسلاني عن النضال ضد الاستعمار، بألوانه كافة، فوقف لتركيا ولفرنسا، حتى أبعداه إلى أوروبا منفيًا لأعوام طويلة. والسيدة مي مولودة في العام 1928، وتلقت دروسها في الليسيه، لتتابع تعليمها في فرنسا، متشربة من علمانية الغرب وانفتاح مجتمعه على مجتمعات نقيضة. وفي الآن نفسه، تربت على الأمير وبيانه، ما حمّل شخصيتها تناقضات لم يكن بد من ظهورها، فهي ابنة عائلة موحدة لا تعاف التقليد، لكنها في الآن نفسه متأثرة بما جنته من "غربية" أثناء تلقيها العلم بفرنسا، طاغية الثقافة خطيبة مفوهة وسياسية تعرف من أين تؤكل كتف السياسة اللبنانية بشوائبها الكثيرة، من دون أن ترغب ظهورًا إعلاميًا كغيرها. الهوى الغلاب غلب هواها أرسلانيتها، فتزوجت من ابن فؤاد ونظيرة جنبلاط، أي من البيت الذي ينافس بيتها في بيئة الموحدين السياسية، ومن نجل "الست" نظيرة التي هادنت فرنسا، بينما قاتلها والدها حتى نفته. وكان الأديب اللبناني أمين نخله من عرف مي أرسلان بصديقه كمال جنبلاط، فغلب هواها أرسلانيتها لتتزوج من كمال جنبلاط في عام نكبة فلسطين، في العام 1948، مدنيًا في جنيف، خلافًا لكل عرف سائد حتى اليوم، خصوصًا أنهما من ملة واحدة. ورافقته في كل محطات حياته السياسية، وخصوصًا في ثورة 1958، حين عاضد الأرسلانيون رئيس الجمهورية الراحل كميل شمعون بينما زوجها ثائر عليه، ومحاربه حتى النهاية. وكذلك جاورت الزعيم التقدمي الاشتراكي، الذي قليلًا ما جاورها مفضلًا الكتب العندية والتأمل، حين كاد أن يدخل على رأس القوات المشتركة حينها إلى القصر الجمهوري، لولا تدخل سوري رد هذه القوات على أعقابها.