يا أهل بلدنا الكرام، من جميع الأحياء والشرائح والأعمار، رجالاً ونساءً، شبابًا وكهولاً... إن الأمم والشعوب تتطوّر وتتقدَّم بأجيالها الصاعدة وبالنشء الصّالح كما تعلمون. فكلّنا غدًا ذاهبون وهم من سيتابعون المسيرة ويحملون الرّايات والبيارق، حتى يورثوا هم أيضًا للّذين يأتون من بعدهم مغارًا تفتخر بها الأجيال... جيلاً بعدَ جيل إلى يوم الدِّين بإذن الله ربّ العالَمين.
إن أقوى ضمان لمستقبلنا المشترك في هذا البلد هو التربية على القِيَم والأخلاق وتذويتها في نفوس وعقول الأطفال والفِتْيَة والشباب، وعلى رأس هذه القِيَم المحبّة والتسامُح والتعاوُن والتعاضُد والتكاتُف والسّيرة الحسنة والسّمعة الطيّبَة، واتّباع العادات المفيدة والابتعاد عن العادات السيّئة المُضرَّة والآفات الاجتماعيّة المدمّرة.
كلّنا يشهد في الآونة الأخيرة، وللأسف الشّديد، ظواهر ومظاهر سلبيّة تهدّد وتنذِر بمستقبَل صعب إذا لم نتحرَّكْ من الآن وبشكل فوري لوقف هذا التدهوُر. إذ أنّه لا يخفى على أحد أن هنالك سلوكيات سلبيّة آخِذَة بالانتشار في أوساط بعض الشباب على مختلِف أعمارِهم وشرائحهم. وهذه السّلوكيّات هي كالشّرارة إذا لم نقُم بإطفائها وهي في المهد فإننا سوف نواجه - لا سَمَح الله - مشكلة مستعصية في المستقبل.
إن آباءنا وأجدادَنا رحمةُ الله عليهم وعلينا جميعًا، أورثونا عادات وتقاليد هي عبارة عن حصن متين مَكين لمجتمعنا. وإنّنا مِن دُعاة الحِفاظ على هذه التقاليد الحَسَنَة وتطويرها وملاءمتها لتطوّرات العصر، ونحن ضدّ إلغاء هذه التقاليد بأي شكل من الأشكال، وضدّ استبدالِها بسلوكيّات غريبة لا تلائم أخلاقياتنا وخصوصياتنا وتعاليمنا الدينيّة وعاداتنا الأصيلة.
إن هذه هي مسئوليّتنا التاريخيّة، ومن الأكيد أَنَّنا لن نغفِر لأنفسنا - لا في المستقبل القريب ولا البعيد - إذا لم نقف سدًّا منيعًا أمام هذه الأخطار.
ولكي ننجح في هذه المهمّة ينبغي علينا أوَّلاً أن ننتخب لخدمتِنا قيادةً قويّةً أمينةً وصادِقَة ترفع لواء القِيَم والأخلاق والتقاليد والحفاظ عليها وتعزيزها في قلوب الأطفال والفِتيَة والشباب. ويجب على هذه القيادة الخادِمة للمجتمع أن تكون قدوة ومَثَلاً أعلى لهُم في الاستقامة والأمانة والتواضُع والجِدّيَّة ونظافة السّيرة والسّريرَة والأخلاق والسّمعة الطيّبة.
إنّ السّلوكيّات السّلبيّة المقصودة معروفة للجميع، ولا حاجة لتفصيلها. وبعضها يهدّد بضعضعة وإضعاف نسيجنا الاجتماعي على المدى البعيد، للأسف الشديد.
إن الحاجة ملحّة – على سبيل المثال –لإقامة أُطُر شبابية جديدة، والاهتمام بتنجيع عمل الأطُر القائمة في ساعات ما بعد الدوام المدرسي، وذلك من أجل ملء ساعات الفراغ لدى الفتية والشبّان من الجنسيْن بما يفيدهم ويفيد المصلحة العامة للمجتمع أيضًا، وكل ذلك بالتعاون والتنسيق مع المدارس وطواقمها من أجل خلق تجانُس وأهداف واحدة وواضحة لدى مختلف الأُطُر تضع الأجيال الصّاعدة في مركز الاهتمام.
من شأن هذا الأَمر أن يضع حدًا لسلوكيات سلبيّة عديدة ومنها: الشّجارات على خلفيّات واهِيَة والتسبب بأضرار وأذى، التسكّع بلا هدف في الشوارع والتسبّب بإزعاجات ونشر أجواء غير مريحة، قيادة السّيارات والتركتورونات بصورة تشكل خطرًا على الآخرين أو إزعاجًا لهم، أو شرب الكحول في الأحراش وغيرها من الأماكن في ساعات الليل المتأخّرة.. وما يتبع ذلك من عواقِب لا تناسب مجتمعنا ولا أخلاقنا ولا تقاليدنا ولا تُشرِّف أحدًا.. وغيرها.. وغيرها..
إنّ ما ذكرناهُ هو غيض من فيض، وهناك عادات وسلوكيّات سلبيّة نربأ حتّى عن تفصيلها بالكَلام، ومن ذلك تلك الأمور التي يُشاع عن وجودها في المنطقة الصناعيّة على سبيل المثال. وقد حان الوقت لوضع حد لهذا التدهوُر، وآن الأوان للتحرُّك بكُل قوّة وحزم ورفع صوتنا عاليًا من أجل تغيير الوضع نحو الأفضَل.
إن أولى الخطوات المطلوبة، وبالذات في هذا التوقيت ونحن مُقبلون على الانتخابات المحليّة، هي انتهاز الفرصة السّانحة لانتخاب قيادة قويّة أمينة وصادِقَة ترفع لواء القِيَم والأخلاق والتقاليد والحفاظ عليها وتعزيزها في قلوب الأطفال والفِتيَة والشّباب.
كرئيس مجلس، سأواصِل إن شاء الله ما عهدتُموهُ منّي من عَمَل بتفانٍ وإخلاص من أجل رفعة مجتمعنا ونشر قيَم التآخي بين الجميع على أساس المساواة، والحفاظ على تقاليدنا وعاداتنا الأصيلة. ومن أجل تحقيق ذلك ينبغي أن يتكاتَف الأخيار والمتخصّصون من جميع القوى معًا، جماعاتٍ وأفرادًا، في سَبيل اعتماد طريقة عمل جماعي منظّم بواسطة طواقِم متخصِّصَة ومثابِرَة وجادَّة.
نحنُ الّذين عَبَرنا معًا ببلدنا إلى برّ الأمان في أصعب الظروف الّتي كانَ من شأنِها أن تُرْهِق بعضَ الآخرين وتزرع في نفوسهم اليأس، ولكنّنا بقينا معًا صامدين مُصِرّين على الانتصار ونجحنا في إعادة الأمان ومهّدنا الطريق لأولى خطوات الاستقرار والتقدُّم. إنَّنا قادرون على تحمّل أصعب وأثقَل الأعباء والمسئوليّات التي تفرضُها علينا هذه المرحلة الصعبة في جميع المجالات.
هيّا إلى النّصر وتنفيذ ما نطمح إليه من ترسيخ قِيَم وأخلاق ونَشر محبّة وسَلام.
فَلَسْنا من الَّذين نكتفي بتنميق وتعسيل الكَلام.
بل نحن رجال الأفعال.. يا أهل بلدنا الكِرام!
...................................................................................
وفي النهاية يسُرُّني أن أنتهز هذه الفرصة لأتقدّم بأحر التهاني والتبريكات إلى أبناء طائفتنا التوحيديّة الدرزيّة بمناسبة زيارة مقام سيدنا النبي سبلان عليه السلام، مُتمنِّيًا للجميع زيارة مقبولة.
ومع اقتراب حلول عيد الصليب المقدّس أتقدّم من أخواننا أبناء الطائفة المسيحيّة بأحر التهاني والتبريكات، متمنيًا لهم عيدًا مباركًا وسعيدًا.
نرجو من الله أن يُعيد علينا جميعًا هاتين المُناسبتيْن وقد عمّ السلام والرخاء والأمان والطمأنينة ربوع المنطقة.