قال الكاتب والشّاعر الأمريكي هولمز : "إذا أردتَ من أحدٍ أن يُبدي رأيه حول شخصيَّتك فعليكَ أوَّلًا إغضابه"! من الصَّعب أن أسمع مثل هذه الكلمات ولا أبحث في عمقها!
فهل من المُمكِن أن ينطقَ لسان الإنسان بالصِّدق وقت غضبه؟ أم أنَّهُ يُحاول بكلّ طريقة أن يُبرِّر موقفه حتّى لو كان قد كذب؟
وإن كان ما ينطق به وقت الغضب صدق فهل يكون قول الصّدق نتيجة لعواقب الغضب؟
دائِمًا عوَّدتُ نفسي على قول الصِّدق وخاصَّة في الوقت الّذي أكون فيه مُرتاحًا وعقلي هادئ، بارد، وخالٍ من مشاعر الحقد والأنانيَّة. رغم هذا لم أكتَفِ بما تعوّدت عليه نفسي ورحتُ أبحث في ذاكرتي عن برهان لما قاله الشّاعر هولمز...
فتفاجأتُ كثيرًا، فإنِّي أرى أصدقاءً يتقاسمون لقمة العيش الهنيئة وتعم جلستهم الطَّمأنينة، وإذ بصاعقة الغضب تُزعزع هدوءَهُم، حين قرَّر أحد الأصدقاء عرض مشكلة واجهها يومًا، وراح يُلقي اللوم على صديقه الجالس بجواره.
برهةٌ من الغضب سيطرت على الهُدوء العارم وإذ بالصَّديق المَلوم يصيح بأعلى صوته قائِلًا: "أَأنتَ من يتحدَّث عن المَواقِف والمشاكل؟ أتذكر السّنة الماضية وقبلها بخمس سنوات وقبلها وقبلها ..."، مُوجِّهًا كلامه لصديقه اللّائِم.
حقيقةً، لم أُحصي عدد المرّات الّتي وُجِّهت فيها اتّهامات، لكن عندها صعقتني مرارة الجملة المُنتسِبَة للشّاعر هولمز وعرفت الحقائق الصّادقة الخالية من التَّحيُّزات ومن الألوان الخلّابة الّتي سادت جوّ الجلسة.
هذه حقيقة واقعنا المُؤسِف، هذه حقيقة حياتنا الفانية الخالية من التَّفكير الإيجابي والمُسامَحة.
وها نحنُ اليوم في فترة وعلى عتبة انتخابات محلِّيَّة، وللأسف الغضب يسودها ويعكِّر صفوها ويجعله أسود مليئًا بالشَّتائم والإهانات، فنجد الصّديق غاضبًا، والقريب مُخاصمًا، والمُرشَّح نادِمًا، والمُواطِن نائمًا، فكيف ستكون النّهاية يا أبناء بلدي الحبيب؟! وما طبيعة آخر المطاف؟! أيجوز ما يحدث؟!
هل تُحبّون المغار بقدر محبّتي لها؟ إذا كانَ جوابكم إيجابيًّا فما علينا إلّا أن نستعين الواحد بالآخر ومعًا نبني "مغار" خلّابة، طاهِرة، مُتسامِحة، مُحبِّة ويسودها السَّلام لأجلِ أبنائها وبناتها وأهلها.
تذكَّروا أنَّ الانتخابات يومٌ واحد أمَّا المغار فبدأت بيوم واحد ومُستمرَّة إلى الأبد.
أهلي وأحبّتي! لا شَكَّ في أنَّ البرامج المطروحة مُنذُ سنوات لم تكتمل وقسم منها لم يُنجَز بتاتًا، ولكن هذا ليس دليلًا على أنَّ السّلطة فاسِدة أو غير قادرة على تحقيق الإنجازات المُختلفة.
برأيي نجاح السُّلطة يكمُنُ في ثلاثة أمور هامَّة وهي :
1. إدارة حكيمة ومُهتمَّة بتقديم جميع المشاريع البنَّاءة لأبناء بلدها.
2. اتِّصال إيجابيّ مع سلطات الدّولة المُختلفة الّتي يهمّها البناء والحث على المشاريع البنّاءة.
3. وهو الأهم، مواطن يعمل حسب القانون، غير مُهمِل، وتهمّه مصلحة البلدة دون انتظار المُقابِل في جميع المجالات.
مغارنا ستعمر وتزدهر بالمحبّة والتّسامح وتكاتف أبنائها من الطوائف الثّلاث مع بعضهم البعض. دعونا من التّجريحات والإهانات الّتي لا تصب في مصلحة إيّ فردٍ أو أيّة مجموعة. مغارنا غالية وليست لنا بلد أغلى منها فلنحافظ عليها.