أخطو نحو الشيخوخة الجسد يهزل ومراراً أعجز عن الوقوف وأشعر ان ساعة الفراق قاب قوسين وقلقي يزداد يوماً بعد يوم إتجاه طفلي المدلل الجميل . أذكره يخطو خطواته الاولى في ساحة الدار ووالدته تناجيه بافتخار تحضنه تارةً وتدعه يتمايل شمالا ًويميناً تارةً أخرى . يقع مراراً ويثبت مراراً .
عاش طفلي الجميل ونما في البيت وحوله إخوانه ، أعمامه ، أخواله ، عماته وخالاته وهو الهانيء الغالي .
اعتاد أن يلعب وحده وكلما اقترب منه أحد أترابه ليشاركه لعبةً جديدةً اشتريتها له خلال تجوالي في المدن المجاورة حضنها وركض نحو والدته الرؤوم وحينما كانت بعيدة ونجح أحدهم انتزاع اللعبة بكى وصرخ حتى يعيدها له .
نما وشب طفلنا الوسيم ونمت وكبرت معه لعبته فاحتضنها أكثر ومجرد النظر اليها أزعجه وأغضبه .
ونحن بعيدون عنه يتحدى مراراً ويخضع مراراً اخرى . يتحدى الجميلين ويخضع ويطأطأ رأسه امام الاقل جمالاً .
أغمض عيني فأراه بحلم مزعج يخطو في باحة بعيدة يحضن العابه وحوله ابناء جيله كل يحمل رزمته فهذا ويراعه وذاك وكتابه وآخر ومعوله.
هذا المنظر يقلقني ويسرب الخوف في عظامي حتى النخاع .
إستشرت الحسابين وقارئي الفنجان ودوماً طمأنوني : أنت انسان مؤمن ونجحت وطفلك المدلل سوف يحذو حذوك .
سافرت سفرةً طويلةً وتقصيت أخباره المفرحة شق طريقاً بنجاحات وبعض الإخفاقات ولكنني لست مطمئناً ولن استطيع رؤياه قريباً فالشائك بيننا عال لا يمكنه اعتلاءه ولا يمكنني نزوله .
همس لي أحد المقربين انه أضاع لعبته الأخيرة الثمينة فبكى كثيراً ، حزن حزناً شديداً وشحبت وجنتاه .
أخاف من الرياح العاتية فالبرق والرعد وزوابع لا ترحم الجميل والمدلل .