ما أقسى أن نتحدث عنك يا أبا أنيل بكلمات الحزن وعبارات الأسى، فلآلئ الكلمات لن توفيك حقك، فقد كنت ملء السمع والبصر والفؤاد.
تركت برحيلك
في النفوس جرحًا داميًا،
وفي القلوب أسًا ولوعةً،
وفي الحياة فراغًا ثقيلًا،
وبفراقك انهمرت الدموع على الخدّين كالسّواقي، معبرةً عن شدّة الحزن، وخرجت زفرات الآه من القلب معلنة قسوة الحرقة والألم، وعلت أصوات البكاء والنحيب لاعنة القدر والنصيب الذي لفّك بين ذراعيه...فأنت الأب الحنون، والزوج الغالي، والأخ الرؤوف، والخال العزيز، والعمّ الشفوق، والجار الذي يستجار به، والصديق الصادق، والمربي الفاضل، والمفتش الحازم، والمؤمن الطاهر.
إذا قلنا عنك الدّواء لكل علّة، لن نوفيك حقك.
إذا قلنا عنك الأمل المتجدّد، لن نوفيك حقك.
لأنّك بالنسبة للكثيرين كنت الأمل، والدّواء، والرجاء، وفي عملك كنت مثالًا للتواضع وحب العطاء، وخلوقًا حتى كدت تُسْمِعُ صوت صمتك. وقفت كالجبال الشامخة امام التحدّيات، فتحدّيت الصعاب المقيتة، وكسّرت الأغلال، ومن عينيك دومًا شعّ بريق الإباء، فعشت بعزّة الإنسان المؤمن بقضاء ربّه، وقاومت المرض القاسي بشجاعة صابرًا، متحملًّا، راضيًا بالقدر المحتوم، فلم تضعف يومًا، ولم تهن لك عزيمة.
مع الزوجة الصالحة "منال " كوّنت حديقة بشريّة يانعة فيها ثالوث من الأخلاق والأدب والذوق الرفيع. يتمثل بالأبنة رؤى، والإبن أنيل والأبن راني. إرثٌ إنسانيّ متألق سيبقى وفيًّا لدربك، محافظًا على عهدك، وستظلّ قلوبهم تسير بذكراك العطرة، وسيتابعون المسيرة كما أردت لها، فنم قرير العين لأنّ من خلّف ما مات. وأنتِ أيتها الجنّة افرحي لأنّ في حضنك سيبيت أبو أنيل يوسف طيّب الذكر. رحمك الله أيها العزيز الغالي وتغمدك بوافر رحمته.
سامي فرّاج