أي اعتداء على خلفية طائفية ليس مرفوضا فقط، إنما هو خطير جدا، خطير لأسبابه، وخطير لدلالته، وخطير لنتائجه، ولا ينبغي على العقلاء أن يمروا به مرورا عابرا!
فمن باب أسبابه، لأنه مولود غير شرعي لعنصرية سيئة التكوين، فما من طائفة أيا كانت عورة ، طالما لا تدعو إلى الكراهية، وتتبادل الاحترام مع غيرها من الطوائف، وطالما هي بعيدة عن التعصب، لا احد منّا نحن البشر سئل قبل أن يولد ليختار طائفته، إنها مشيئة قدرية ربانية، لا يد لنا نحن البشر في اختيارها، وقد قال الله في كتابه العزيز، في سورة هود "لو شاء ربك لجعل الناس أمّة واحدة" وقال أيضا في سورة يونس "لو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا" (ص) إذا انطلاقا من قوله تعالى لا فضل لأحد على الآخر إلا بالعمل الصالح الإنساني المجرد من العنصرية الدنيئة.
ومن باب دلالته فهو خطير لأن مرتكبي الاعتداء الطائفي أداة بيد أعداء الإنسانية، أينما كانوا وأيا كانوا! فإما هم تربية وتنشئة منظمات إرهابية عنصرية متعصبة، نمت في حقول من الرذيلة، تسعى لنشر القتل وبثّ الكراهية، أو هي أدوات لشبكات مخابراتية، أي أنهم عملاء لها، ينفذون مؤامراتها، حين تدفع بهم للاعتداء على أفراد ممن طوائف أخرى لتزرع الكراهية، وتُزيد الانشقاقات، وتنشر التفرقة بين أبناء الشعب الواحد والمصير الواحد والمستقبل الواحد، إنها شبكات تعمل في الظلام كخفافيش الليل، تبذر الكراهية، أو هم جهلة متأخرون عقليا، معابون بتفكيرهم، منحطون في سلوكهم، مرضى عقليا وحضاريا، ولا زالوا يعيشون عصور الظلام والجهل والتأخر والانحطاط!
ومن باب نتائجه فإنه قد يجرّ إلى ما لا تُحمد عقباه، حين يغلب التعميم على العقول، فتتعطل تحت تأثير العواطف المتألمة، ليندفع الجهلة من الطرف المُعْتدى عليه إلى فعل، ورد فعل، يجرف العقلاء كما تجرف النار العشب اليابس، إلى حال نحن في غنى عنها.
لهذا يتحتم على العقلاء أينما كانوا، ومن أيّ طرف كانوا، استدراك الأمور، ووضع حدّ للتعدي وقطع الطريق على أيّ فعل و ردّ فعل، لأن ما بنا من ضياع وما يلحق بنا من مظالم وتفرقة يكفينا ويزيد عن طاقتنا!
إن ما حدث للشاب صافي يوسف شاهين من بيت جن خلال عمله في وادي عاره من ضرب ثم نقله إلى أمّ الفحم، حيث قامت مجموعة أخرى من الشباب بضربه وإطلاق النار عليه، ثم نقله في كيس وإلقاؤه قرب مسجد في عرعره، حتى قام احد الشرفاء من عرعره بإعلام الشرطة ونقله إلى المستشفى بحالة صعبة.
إن ما حدث لهذا الشاب بدون شك هو جريمة لا يقبلها أي إنسان يتحلى بقليل من الأخلاق، وهو بدون شك اعتداء سافل قام به جهلة لا رادع أخلاقي لديهم، وسواء كان المعتدون من أبناء منطقة أم الفحم أو من غيرها، إلا أنهم حاولوا الزجّ بأم الفحم وبعرعرة في هذا الاعتداء المنحط.
ولهذا يتحتم على العقلاء من ام الفحم بالذات أمثال الشيخ رائد صلاح وعفو اغباريه وغيرهم كثيرون أو من عرعره أو المنطقة استنكار هذا الاعتداء علنا، والتحفظ من مرتكبيه، والعمل على كشف المجرمين الذين اعتدوا على صافي شاهين وحاولوا تلويث أم الفحم وعرعره التي نعتز بالشرفاء فيهما، من أجل تقديمهم للعدالة، حتى لا يتشجع غيرهم من المتعصبين الجهلة إلى تقليدهم وليقطعوا الطريق على المتآمرين المتربصين بشعبنا، بغض النظر عن هويتهم ، لنشر بذور الكراهية والعداء بين أبناء الشعب الواحد!
2014/2/14