في الرابع عشر من شباط سنة 2003 رحل عنا الصديق الشاعر الذي ترك أصداء واسعة في ثقافتنا الفلسطينية في الداخل. إنه الشاعر المعلم شكيب جهشان- ابن المغار، حيث ولد، وابن الرامة حيث قضى سني التدريس فيها، وابن الناصرة حيث أقام وتوفي فيها، وابن فلسطين حيث نذر نفسه لها أدبًا ولغة.
وهذه القصيدة ألقيتها في مهرجان تأبيني أقيم له في الناصرة، ونشرتها في "الأعمال الشعرية الكاملة- المجلد الثاني. القاهرة: إصدار كل شيء- 2005، ص 276- 277.
حادي الحروف
أفنيت عمرك في الاقلام والكتب*** تَروي من الشعر ما يَروي صدى العربِ
تشدو شكيبُ فيغدو القولُ أجنحةً *** رفّت على الروحِ للذكرى وللأَدبِ
(أذكر)! وشفت على أرضي منارتُها *** فيها الحنينُ وفيها الحزن من غضبِ
هذي فلسطين تاريخاً وأمكنةً *** ظلّت وساماً على أشذائــــها نســـبي
أبا إيادٍ طغى العدوان في صُـعُـد *** حتى انقلبنا على قهرٍ على صببِ
علَّمتَ: لَلصبرُ مفتاحٌ لمنفرَجٍ *** يبقى الاباءُ دليلَ النهج في الكُربِ
(عامان من وجع)؟ عامان من جزعٍ *** حتى الولادة تأتي دونما تعبِ
يا طائرًا حملته الرِّيح وارتحلتْ *** إلى شواطىءَ تنأى عن مدى الحقبِ
إذا ذكرتُـك شبَّ الشوقُ في خَلَدي *** وإن قرأتك كنتَ السبقَ في الطلبِ
تحبُّـنا، نحن ندري كم يحبُّ لنا *** حادي الحروفِ إلى الأنوار واللَّهبِ
قد (جدتَ بالغيث) مدرارًا بغمرته *** والأرض تجري نباتًا من جَدا السُّحب
ما أحزنَ القلبَ إذ يبكيك لوعتَـه *** تدمي مساربُـه في أعينِ النُّــوبِ
سلوى لأهلك بعد الموتِ تعزيـةً *** ما دام سَيْبُُك عِطْرًا فائحَ السبَـبِ