رفض وليد جنبلاط مشروعاً تعمل به مجموعة من دروز الولايات المتحدة لتأسيس كرسي في جامعة جورج تاون بهدف تشجيع البحث العلمي حول مذهب التوحيد ودور الأقليّات في العالم العربي ، وعلق على الموضوع قائلا : ”علمت ان مجموعة من دروز الولايات المتحدة الاميركية عملوا خلال الاشهر المنصرمة على تأسيس كرسي في جامعة جورج تاون بهدف تشجيع البحث العلمي حول مذهب التوحيد ودور الاقليات في العالم العربي ، ومع أني كنت أشجع التحصيل العلمي وأنشأت لهذه الغاية مؤسسة مستقلة للإعتناء بهذا الشأن ، إلا أنني رسمتُ العديد من علامات الإستفهام والتساؤلات حول هذا المشروع والأهداف الحقيقيّة منه ، ولم تقنعني التبريرات التي ساقتها المجموعة التي تحمسّت لإنشاء الكرسي وإطلاقه .
لم يسبق للدروز في تاريخهم المعاصر أن قاربوا دورهم الوطني والعروبي والإسلامي من الموقع الأقلوي ، وأبرز أعلامهم بذلوا جهوداً كبرى وناضلوا في سبيل إندماجهم في محيطهم الواسع ، ومسيرة الأمير شكيب أرسلان والأمير عادل أرسلان وكمال جنبلاط وسلطان باشا الأطرش وغيرهم من الأعلام شاهدة على ذلك عندما رفضوا الإنجرار إلى العزلة والتقوقع وأجهضوا مشاريع غربية وإسرائيلية لدفعهم في هذا الاتجاه .
وأذكر بالجهود الكبيرة التي بذلتها مدى سنوات متلاحقة ، وتلك التي بذلها الأمير طلال أرسلان في مساعدة دروز فلسطين على رفض الخدمة العسكرية الإلزامية في صفوف جيش الإحتلال الأسرائيلي والتمسك بهويتهم العربية والإسلامية ، وقد نجحنا إلى حد بعيد في ذلك بإستثناء تلك الفئة الضالة والمحدودة التي لا تزال تسير عكس التاريخ والمنطق .
وماذا عن نضالات الأمير أمين أرسلان الذي كان رمزا في المقاومة الديبلوماسية ؟ وهل نذكر المجاهدين الثوريين الذين كانوا من أوائل الذين إلتحقوا بالثورة التي أعلنها الشريف حسين سنة 1918 وفي طليعتهم رشيد طليع وشكيب وهاب وحسيب ذبيان ونجيب شقير وسواهم ؟.
إن العديد من الدروز إنخرطوا في نضالات سياسية وعقائدية وحزبية وإنضموا إلى صفوف أحزاب سياسية . قد تكون نيات المتحمسين للفكرة بريئة وقد لا تكون ، ليس هذا المهم ، بل الأهم هو خطورة إنزلاق هذا المشروع نحو إتجاهات لا تتلاءم مع طبيعة الواقع الذي يعيشه المجتمع الدرزي سواء في لبنان أو المنطقة العربية أو حتى بلدان الغرب . فهل بات من الضروري التذكير بأن الدروز هم بالأساس عشائر عربية أتت مع الفتح العربي الاسلامي ؟.
إنني أبلغ الرأي العام أن هذا المشروع هو مشروع مثير للإستغراب كي لا أقول مثير للشبهات في حقبة مفصلية من حياتنا المعاصرة ، وأدعو تالياً لإعادة النظر فيه والتوقف عن جمع الأموال لمصلحته ، في حين أن المجتمع الدرزي يستفيد بشكل كبير لو جمعت هذه الأموال لدعم المؤسسات القائمة أو إقامة مشاريع وخلق فرص عمل بدل تحويلها للبحث في أمور خارج الزمان والمكان . ولعله بعد ذلك كله ، بات ضرورياً تعديل تسمية هذه الطائفة لتصبح "الموحدين العرب الدروز” .