قالت منظمة العفو الدولية أن الهجوم على مدرسة جباليا الابتدائية بقطاع غزة التي لجأ إليها ما يربو على 3000 نازح مدني يشكل جريمة حرب محتملة ينبغي التحقيق فيها بشكل مستقل. وأسفر الهجوم عن مقتل 20 شخصا وجرح العشرات في المدرسة الواقعة داخل مخيم جباليا للاجئين المكتظ بالسكان.
وأجرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنىׂ)الأونروا) تقييما أوليا شمل تحليل الشظايا والدمار الذي لحق بالمكان؛ وأشار تقييم الوكالة إلى أن المدرسة قد قُصفت بنيران المدفعية الإسرائيلية على الرغم من قيام الأونروا بإبلاغ الجيش الإسرائيلي بإحداثيات موقع المدرسة 17 مرة. ويُعد الهجوم سادس مرة تتعرض فيها إحدى مدارس الأمم المتحدة للهجوم في قطاع غزة منذ أن بدأت عملية "الجرف الصامد" في 8 يوليو/ تموز.
وفي معرض تعليقه على الموضوع، قال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، فيليب لوثر: "إذا اتضح أن القصف الذي استهدف المدرسة كان بنيران المدفعية الإسرائيلية، فسوف يشكل ذلك هجوما عشوائيا وجريمة حرب على الأرجح. إذ لا ينبغي استخدام قذائف المدفعية أبدا ضد أهداف تقع في مناطق مدنية مكتظة، ولا يمكن بالتالي اعتبار مثل هذا القصف المدفعي بمثابة الضربة (الموضعية أو الجراحية)".
وأضاف لوثر قائلا: "ومع استمرار حصيلة القتلى بالارتفاع بمعدل مقلق، يجب أن تراعي إسرائيل التزاماتها التي تحتم عليها اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة من أجل حماية المدنيين من التعرض لأي أذى. فمن المروع أن نرى المدنيين الذين أذعنوا لإنذارات إسرائيل بضرورة الفرار من منازلهم يُقتلون ويُجرحون في ما كانوا يعتقدون أنه ملجأ آمن، ألا وهو إحدى مدارس الأمم المتحدة".
إن تكرار القصف المدفعي في الأحياء المدنية المكتظة سوف يؤدي لا محالة إلى عمليات قتل غير مشروعة وإلحاق إصابات بالمدنيين والدمار بالمباني المدنية بصرف النظر عن طبيعة الهدف المقصود أصلا. ولطالما لجأت القوات الإسرائيلية إلى مثل هذه التحركات المتهورة من قبل، لا سيما أثناء عملية "الرصاص المسكوب" في 2008/2009 التي خلفت زهاء 1400 قتيل بين الفلسطينين غالبيتهم من المدنيين.
ولقد أبلغت الأونروا في ثلاث مناسبات مختلفة خلال الأسابيع الماضية عن عثورها على مخزونات من الصواريخ الفلسطينية في المدارس التي لم تكن تُستخدم حينها كأماكن لإيواء النازحين. وتناشد منظمة العفو الدولية حركة حماس وجميع الفصائل الفلسطينية المسلحة الإحجام عن تعريض المدنيين للخطر جراء قيامها بتخزين الذخائر في المرافق التابعة للأمم المتحدة وغير ذلك من المباني المدنية.
ووقع الهجوم على المدرسة التابعة للأمم المتحدة عقب يوم واحد من قصف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة وإلحاق دمار كبير بها.
وقال فيليب لوثر: "ينطوي قصف محطة توليد الكهرباء على تبعات إنسانية كارثية كون ذلك يعني قطع الكهرباء وإمدادات المياه عن 1.8 مليون نسمة والعديد من المستشفيات في قطاع غزة، وعليه فمن المرجح أن يرقى ذلك إلى مصاف جريمة حرب. ولا يمكن أبدا تبرير استهداف هياكل مدنية توفر خدمات حيوية للعديد من المدنيين. ويُوصف حجم تبعات هذا الهجوم بأنه مدمر ويرقى إلى مصاف العقاب الجماعي لسكان قطاع غزة".
واختتم لوثر تعليقه قائلا: "شكل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لجنة الأسبوع الماضي بغية التحقيق في انتهاكات القانون الدولي المرتكبة أثناء النزاع الحالي. ويجب أن يؤدي عمل أعضاء اللجنة هذه المرة على صعيد التحقيق في جرائم الحرب المحتملة إلى مقاضاة المسؤولين عن ارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون الدولي، وذلك على النقيض تماما مما حدث في ماضي تجارب لجان التحقيق التي أعقبت النزاعات السابقة في غزة ".