اللغة العربية هي لغة رسمية في إسرائيل، بموجب صكّ الانتداب البريطاني الذي صدر عام 1922. ولم يأتِ ذلك من فراغ، فاللغة العربية هي إحدى اللغات الحيّة التي تحمل حضارة عريقة انصهرت في بوتقتها العديد من الحضارات والثقافات على امتداد التاريخ. إنها ليست لغة للأقلية العربية في البلاد فحسب، بل لها أثرها البارز في التكوين اللغوي والثقافي والحضاري للشعب اليهودي عبر التاريخ وحتى أيامنا هذه.
إن تقاعس السلطات الرسمية في إسرائيل، وجهل قطاعات واسعة من سكان الدولة باللغة العربية، أفرغا "قانون رسمية اللغة العربية" من مضمونه، بحيث تراجعت مكانة هذه اللغة في ظل تهميشها وإقصائها في المؤسسات الرسميّة والتعليمية، ووسائل الإعلام والأماكن العامة.
وإمعانًا في هذا الإقصاء، تتنادى اليوم مجموعة من أعضاء الكنيست لطرح مشروع قانون لإلغاء المكانة الرسمية للغة العربية في البلاد.
مجمع اللغة العربية يرى لزامًا عليه رفع صوته منددًا بهذا الاقتراح الخطير، خاصّة في الظروف الراهنة التي تزداد فيها مظاهر العنصرية والتطرّف، وهو بلا شكّ اقتراح مجحف بحق الجماهير العربية واليهودية على السواء، هدفه المسّ بمكانة هذه الجماهير من خلال المسّ بمكانة لغتها.
إننا اليوم أحوج ما نكون إلى الدعوة للتعايش وتقبل الآخر، وأول خطوة على هذه الطريق تتمثّل بتقبل لغة الآخر وثقافته. "الآخر هو أنا" على حدّ تعبير وزير التربية، عضو الكنيست الراب شاي بيرون، وهذا ما نودّ أن نربي عليه طلابنا ونزرعه في الأجيال القادمة عملاً لا قولاً فحسب. لكنّ القيم التي ينطوي عليها الاقتراح المذكور تتناقض جوهريًا مع هذه المبادئ التي تدعو وزارة التربية إلى تبنيها.
نقول على الملأ إنّ من يمسّ بالآخرين يمسّ في نهاية المطاف بنفسه، ومن يرفض التعددية والقيم الديمقراطية يلغي الأساس للعيش المشترك في البلاد، وفي الحيّز الشرق أوسطيّ، ويرسّخ علاقات مبنيّة على رفض الآخر وإقصائه.
مجمع اللغة العربية يهيب بكل القوى المتنورة والديمقراطية أن تتصدّى لهذا الاقتراح المتسرع، وأن تجهضه قبل أن يكبر ويستفحل.
نعم للتعايش! لا للإقصاء!