هذه الكلمة موجهة الى جميع الشباب والشابات , مِن ابناء الطائفة المعروفية , الذين يجهلون العادات والتقاليد لدى ابناء معروف الدروز , اتطرَّق اليها بعد أن وصلني على الموقع الاجتماعي استفساراً عن ما هي هذه العادات وهذه التقاليد التي نذكرها ونتغنى بها دائماً , مما دعاني الى أن اكتب لهؤلاء الأعزاء , شباب الغد ومستقبل هذه الطائفة الغراء , ذكوراً وإناثاً , هذه الرسالة لأقول :
قبل أن نخوض غمار الحديث عن العادات والتقاليد دعونا نتعرف اولاً على ما هي العادة أو التقليد , وبالله التوفيق .
العادة أو التقليد هي / هو سلوك جيد , أو سيّء , يتبناه الناس وينتهجونه بشكل دائم , ونحن بدورنا, رجال الدين والمسنين والمربين والمربيات , نشجع على استعمال الجيد منه , وننهي عن انتهاج السيئ منه . وهذا السلوك أما ناتج (مُستنبط) من الوصايا الدينية , أو من أقوال الحكماء أو أو الحاكِم أو ناتج عن اتفاق جرى بين العامة من الناس .
نحن , بنو معروف , لنا عادات وتقاليد راسخة رسوخ جبال سوريا ولبنان والجليلين والكرمل الأشم , ونحن على هديها نسير منذ ملايين السنين , وفيما يلي سأذكر بعضها لتذكير مَن نسيَ , ولتعليم مَن لا يعلم , وبالله المستعان .
أول ما ابدأ به هو ما أوصانا بهِ ديننا الحنيف , ألا وهو صدق اللسان , وهذه الوصية تحولت الى عادة عند الموحد , وهي اهم ركيزة من ركائز دين التوحيد العظيم . وعندما نتحدث عن الصدق فإننا نقصد أن ينطق الواحد منا صِدقاً , وان يكون الى جانب الحق دائماً , قولاً وعملاً دون التواء او تبديل , ومَن تعود الكذب صار الكذب عنده عادة , وهي عادة من اسوأ العادات .
وفي المرتبة الثانية تأتي وصية مهمة أخرى أوصانا بها رب العالمين وتحولت الى عادة , وهي حفظ الاخوان , وحفظ الاخوان وإغاثة المستجير تعنيان صيانة أملاك اخوك في الدين والدنيا , والمحافظة على مالهِ وحالهِ وعرضهِ وأرضهِ , وأن لا تغتابهُ بالقول أو بالعمل , وأن تقف الى جانبهِ في السراء وفي الضراء , مهنئاً أو مواسياً , على حدٍ سواء . هذه كلها عادات والغالب من الناس يعمل بها .
ثم الايمان المطلق بالله سبحانهُ , وبقدرتهِ , وإعطائه حقه في كل ما نفعل , فنبدأ باسمه قبل كل عمل نقوم به , خاصة تناول الطعام , وهذه عادة , ونختم بذكرهِ وحمده على كل شيء ننجزهُ أو اعطانا اياه , وخاصة بعد الانتهاء من تناول الطعام , وهذه وصية اتخذناها عادة يجب أن نعتادها ونعمل بها .
ثم توصية الباري لنا بالعمل (الشغل) والكسب الحلال من اجل العيش بكرامة , ومَن لا يعمل وهو قادر على العمل فهو مُبغض من الله عز وعلا , وعلى العامل ان يعمل بإخلاص وصدق وأمانة في عملهِ , وأن يكون هذا العمل عملاً مُشرّفاً أحبه الله وبارك فيه .
ثم الوصية في معرفة الحلال والحرام , والتي تحولت الى عادة وتقليد , في المأكل والمشرب والمسلك .
- الآكل الحلال من اللحوم مثلاً , هو ما استُخرِجَ من الطيور آكلة الحبوب , ومن الحيوان الذي ليس له مخلب أو حافر , ومِن البقل (الأعشاب ) جميعها , باستثناء الملوخية والجرجير (لإثارتهما للغرائز الشهوانية الحيوانية فينا ) , وما كان منها مُسِمَّاً وضاراً بأجسادنا , وكذلك الفواكه على اختلافاتها , ومن البحر السمك المُغطى جسدهُ بالحراشف (القشر ) وما عداه حرام .
- أما بالنسبة للمشروب , فكل ما كان كثيرة مسكراً أو مضراً بالصحة فشربه حرام , وما عدا ذلك فهو حلال .
- أما المسلك الحلال فهو أن تعرف ربك , جل جلاله , وتعمل بوصاياه , فلا تعتدي على أحدٍ , كلامياً أو جسدياً , وأن تستر عوراتك ولا تُظهرها علانية , وأن تصون فرجك وفروج من لك بهن علاقة من النساء , أي لا تزنِ , فالزِنا مِن أعظم الكبائر التي نهى الله سبحانهُ عنها .
ثم علينا أن نحافظ على اجسادنا , وقد حوَّل سلفنا الصالح هذه الوصية الى عادة وتقليد يعملون على مر العصور بهِ, فالجسد عطية من الباري اعطاهُ لنا لنحفظ بداخله النفس البشرية (الروح) التي هي اساس حياتنا , وهي مُلكٌ لله سبحانهُ وتعالى وحدهُ , فإذا تأذى هذا الجسم فان ذلك يُغضب الله سبحانهُ وتعالى , ونحن كثيراً ما نؤذي اجسادنا بتعريضها للخطر دون أن تكون هنالك حاجة الى ذلك , بمغامرات نقوم بها أو بإدخال موادٍ ضارة الى داخلها كالكحول والمخدرات ودخان السجاير والنرجيلة وغيرها .
ثم علينا حفظ انفسنا والمحافظة عليها وصيانتها وتهذيبها , وذلك عن طريق ترويضها وإبعادها عن الموبقات والشرور ومغريات الدنيا , وحثها على معرفة الخالق وتقريبها من الدين ورجال الدين , وتسييرها في مسالك النور في هذه الحياة الغريبة العجيبة التي تشدنا الى الانزلاق فيها بكل قوتها .
ثم علينا بحفظ العقل والمحافظة عليه مِن التلف . أبق عقلك واعياً صاحياً ولا تتلفهُ بالمسكِر والمُخدِّر , واملأهُ بالعلوم النافعةِ , واشغلهُ بالأعمال المفيدة التي تعود عليك وعلى المجتمع بالخير والفائدة والمنفعة .
ثم المحافظة على العرض الذي هو مِن أغلى واهم ركائز التوحيد , فالمحافظة على العرض تحفظ وتصون نقاوة وطهارة النسل (الخلف) , وعليه فعلينا اجتناب الزنى , ذكوراً وإناثا دون استثناء , والذي هو من المحرمات في كل الأديان .
ثم حفظ الدين وصيانته والدفاع المستميت عنه , فهذا الدين الشريف حافظ على بقائناً ملايين السنين وأكثر .
ثم علينا حفظ اموالنا والمحافظة عليها , وهذا لا يعني أن نخزنها ونكنزها في خزائن من حديد , ولا أن نبذرها على بناء القصور , نفاخر بها , أو السيارات الفخمة أو غيرها , فالمال مال الله وقد أعطانا اياه لننفقه في اشياء احبها الله سبحانه , وهي كثيرة , وأهمها التصدُّق على المحتاج وإعالته .
ثم احترام الوالدين وتقديرهما وإطاعتهما , على ما فعلاه من أجلنا صغاراً من رعاية وعناية وتربية وحماية , الى غير ذلك .
ثم احترام الكبير في السن وإجلالهِ , وإطاعة المسئول عنا , في العمل والبيت والدين والسلطة .
ثم التعامل والتعاطي مع الآخرين بالتي هي أحسن , وهذا يعني احترام الغير ومساعدته حين يحتاج المساعدة , والتحدث اليه بلغة اهل اتقوى والصلاح , واجتناب البذيء من الكلام والسيئ من السلوك والعمل .
ثم بالجار أوصانا الله , ومن عاداتنا حفظ الجيرة والمحافظة على املاك الجار كما لو كان من اهل البيت , وقد قيل في الأمثال كثيراً عن العلاقة بالجار .
ثم , ومن أهم عاداتنا استضافة الغير اذا نزل ضيفاً علينا , وإكرامه وتقديم الواجب له بصدر رحب وغبطة وسرور .
ثم إغاثة المستجير (مَن يطاب الحماية) , وتقديم العون له .
ثم مواجهة مصائب ومصاعب الزمن ببسالة وبأس وشجاعة , فالمؤمن لا يهاب الموت في سبيل ايمانه .
ثم تَقَبُّل المصائب والنوائب بصبر , فالصبر مطية المؤمن الى الجنة , والصابر يجزيه الله سبحانه وتعالى خير الجزاء .
ثم اجتناب الرذائل والموبقات والكبائر .
ثم اجتناب ذم الناس والقدح فيهم . ثم اجتناب شهادة الزور . ثم اجتناب الغيبة والنميمة والحسد . ثم غض الطرف . ثم اجتناب الخيانة . ثم اجتناب الرشوة . ثم اجتناب الرياء والمخادعة . ثم اجتناب القتل بغير حق . ثم اجتناب الانتحار .
هذه جميعها وصايا حولناها الى عادات واتخذنا منها تقليداً مُباركاً , وعمل بها سلفنا الصالح حتى وصلتنا لنعمل بها ونورثها لمن بعدنا , وهذا غيض مِن فيض مِن الوصايا التي تحولت الى عادات وتقاليد ننتهجها ونعمل بها لم نذكرها هنا للاختصار وعدم الاطالة , منها العادات التي نتخذها ونعمل بها في الأفراح والأتراح وفي الملبس وإثناء العمل , وهي كثيرة , وللأسف بدّلها (استبدلها) بعضنا بعادات غربية مُكتسبة لا تناسبنا , ولو اردنا اضافتها لطال بنا الشرح واتسعت رقعة الكتابة والكلام .
رياض م . حمزة – 27/10/2014