هويتي الجامعة
الهوية جسمانية أم معنوية؟
ان كانت معنوية فهي متعلقة بالروح.
وهل هوية الروح انيه أم أبدية؟
فان كانت أبدية كما يعتقد كثير من شعوب الأرض في الشرق والغرب والوسط، فهي تحمل سمات وهويات الحيوات السابقة.
إذن هويتي لا تقتصر على وجودي في جيلي هذا، ولا بهذا الجسم او الهيكل او القميص او العَرَض، بل هي تتعلق بالجوهر الذي هو الروح. ولذا فانا وهي نحمل سمات وبقايا ومؤثرات ومخلّفات و( د ن ا) من حيواتي السابقة.
فهل أنا موحد قديم أم حديث؟ هل أنا موحد لاني ولدت لأبوين موحدين؟ أم لان روحي موحدة ، ورثت التوحيد منذ عهود؟
قال الشيخ الاشرفاني ان التوحيد زبدة ما سبقه من عقائد وشرائع من دور ادم. وقال كمال جنبلاط ان عقيدة التوحيد هي خلاصة الأديان والشرائع والفلسفات القديمة منذ فجر التاريخ. بناء على هذا فانا كموحد احمل معي زبدة وخلاصة الأديان والعقائد التوحيدية.
ومن هذا المنطلق أنا – روحي احمل معي شيئا من إيمان اخناتون، وبعضا من شرائع نوح وإبراهيم، وجزءا من صدق يوسف، وقليلا من تعاليم موسى. وأتغذى من عشب ناقة صالح، وأنصت الى خطبة شعيب، واطرب على مزامير داوود، وأترنم على أناشيد سليمان، وأغوص في عرفانية هرمس، وأفك رموز فيثاغورس، واستوحي فضيلة سقراط، واستلهم مُثُل أفلاطون، واستعين بمنطق أرسطو، وانبهر بمعجزات إيليا الخضر، واستشعر حنين زكريا، واعتبر من تضحية يحيى( يوحنا المعمدان)، واقتدي بتسامح السيد المسيح، واستنير بآي الذكر الحكيم، واتادب بآداب السيرة النبوية، وأتعلم من نهج الإمام علي، وأتمثل ورع فاطمة، واغرف من حكمة سلمان، وأتزود بشجاعة المقداد، وأثور مع أبي ذر، واسبر أغوار أفكار إخوان الصفا، واعتزل مع المعتزلة، وأتمسك بالعدل والتخيير، واتصوف مع المتصوفة، واعشق الله مع رابعة العدوية، واشطح مع الحلاج، وأتمعن بمدينة الفارابي الفاضلة، واستغرق في اشراقات ابن سينا، وأتفقه بفقه جعفر الصادق، واسبر غور تأويلات مجالس الخليفة المعز وكتاب الدعائم، واقتبس من التنزيل، وارتشف من التأويل، واغرف من التوحيد. كما لا ادري كمية وماهية ما احمله من البوذية والهندوسية والكونفوشستية الصينية والزرادشتية الفارسية والمايا الامريكية.
وبالاضافة الى كل هذا اسمو مع العقل، وارتوي من الحكمة التوحيدية، واستقي من شروحات الامير السيد، واسلك مسالك شيوخ التوحيد.
أنا احمل معي كل هذا أينما كنت وسأكون. فهويتي تجمع كل هذه القيم والتعاليم والنور والهداية. فلمَ احصر نفسي في هوية آنية واحدة وأنا احمل كل هذه الخيرات؟ ولماذا اقصر روحي على انتماء واحد في زمن او بلد او قوم او عنصر او مذهب ما، ولدي الكون بأسره والدهر بطوله.
وما دمت احمل كل هذه الهويات والانتماءات واعتز وافتخر بها واحترمها وذويها. فاني أحب كل البشر، لا أعادي ولا اكره أحدا، ولا احقد على احد، ولا انبذ دينا، ولا أتعصب ضد احد.
هكذا أنا من منطلق انتمائي الى مذهب التوحيد. وهكذا من ينتمي الى حقيقية هذا المذهب.
واني أتعجب من كان موحد مثلي ان يتعصب لهذا المذهب او يتعصب ضد غيره من المذاهب. واستغرب ممن يتعصب ضد هذا المذهب.