إن ما تشهده الساحة العربية من أعمالٍ وحشية يقترفها تنظيم " داعش " بحق الإنسانية والبشرية يحتم على كل مسلم أن يتبرأ وأن يستنكرَ ويشجبَ هذا التنظيم التكفيري ويحاربه من أجل القضاء عليه قبل فوات الأوان كون هذا التنظيم بعيدًا كلَّ البعد ومنافيًا للإسلام الحنيف ولما أوصى به الرسول الكريم الذي كان من صفاته التسامح .
وما قطع الرؤوس والحرق الذي يقترفه تنظيم " داعش " بحق أناس من لحمٍ ودم الا دليل على زندقة أتباعه وكفره وتناقضه مع تعاليم الإسلام ومع ما جاء في الآيات القرآنية ومع صفات النبي محمد الذي عرف بالتسامح والعفو حتى عن أعدائه فالتسامح في دين الإسلام امر معروف وواضح ومن هنا جاءَت الآية الكريمة " فمن عفا وأصلح َ فأجرُه على الله" (سورة الشورى 40 ) .
وقد عرف عن الإسلام الحنيف سماحته التي تعتبر من أهم أسباب انتشاره والى عدل الشريعة وحكمتها خلافا لما يردده البعض من أن الفتوحات الإسلامية كانت اكراهًا بقوة السلاح على الدخول في الدين والدليل على ذلك ففي يوم الفتح عندما تمكن النبي من أهل مكة الذين أخرجوه منها وكانوا قد منعوه من إبلاغ دين الله بينهم وحالوا دون إيصال الدعوة الى غيرهم فكفروا هم وصدُّوا غيرهم عن سبيل الله ، ماذا فعل بهم الرسول ؟ هل سفك دماءَهم بغير قتال ؟ هل ذبحَ نساءَهم وأطفالهم ؟ أم أنه أطلقهم لا تثريب عليكم اليوم ، أنتم الطلقاء .
فمن مواقف تسامح الرسول : في فتح مكة حين قال صلى الله عليه وسلم لقريش ((ما تظنون أني فاعل بكم)) قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم ، قال(( اذهبوا فأنتم الطلقاء)).
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخدم التسامح ويستعمله حتى مع المنافقين الذين يعرف أنهم كذلك، ومع أنهم يمثلون أعداء الداخل فلقد عفا عن ابن أبي سلول مراراً، وزاره لما مرض، وصلى عليه لما مات، ونزل على قبره، وألبسه قميصه، وهذا الرجل هو الذي آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرضه يوم حادثة الإفك؛ فيقول عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتصلي عليه وهو الذي فعل وفعل؟ فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يا عمر، إني خُيّرت فاخترت قد قيل لي : "اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ"، ولو أعلم أني لو زدت على السبعين غفر له لزدت) .
- وكذلك ما فعله النبي محمد (صلعم ) مع ذلك الرجل الذي كان يضع القمامة في طريقه وحينما خرج في يوم من الأيام ولم يجد القمامة في طريقه سأل عن الرجل فأخبر أنه مريض فذهب يعوده.
ولما جاء رجل ورفع السيف على النبي صلى الله عليه وسلم وقال: من يمنعك مني يا محمد؟ قال: الله ثم سقط السيف من يده، ثم أخذه النبي وقال: (من يمنعك مني؟) ثم أخذه إلى أصحابه وأخبرهم الخبر، فتعهد للنبي صلى الله عليه وسلم أن لا يحاربه، ولا يكون مع قوم يحاربونه، فالتسامح أحرجه وأخذ منه كل قلبه.
وعرف عن الإسلام قوله تعالى " لا إكراه في الدين " ( سورة البقرة 256 ) والذي فسره ابن كثير : " أي لا تكرهوا أحدا على الدخول في دين الإسلام فإنه بيِّنٌ واضحٌ جليّ في دلائله وبراهينه لا يحتاج الى أن يكره أحد على الدخول فيه بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونور بصيرته دخل فيه على بينة .".
من هنا ومما سبق ذكره يتضح أن ما يقترفه تنظيم " داعش " وأتباعه وأتباع هذا التنظيم الارهابي من مجازر وأعمال قتل وحشية فردية أو جماعية بأبشع الوسائل الإجرامية بحق البشرية والانسانية ما هو الا عمل شيطاني لا يقبله الا أعداء الاسلام وأعداء الله والديانات على اختلافها .
قال الله عز وجل ((يا أيّها الناس إنّا خَلقناكم من ذَكر وأنثى وجَعلناكم شُعوبًا وقبائل لتعارَفوا إن أكرمَكم عندَ الله اتقاكُم)) سورة الحجرات آية رقم 13 ...
فمن الأخلاق الانسانية التي يقوم عليها التعايش السلمي بين الناس على اختلاف معتقداتهم الدينية أو الثقافية خلق التسامح ...ذلك لأنه يقرب القلوب لبعضها البعض ،و يجعل الحياة أكثر انسيابا في أوصال المجتمع ..