إليكم كلمة الرّئيس الرّوحي للطّائفة الدّرزيّة في إسرائيل، فضيلة الشّيخ موفق طريف لأبناء الطّائفة المعروفيَّة بمُناسبة حُلول عيد زيارة مقام النّبي شعيب (ع) عبر الفيديو التّالي بالصّوت والصّورة:
كلمة فضيلة الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية بمناسبة العيد وزيارة مقام سيدنا شعيب عله السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله سبحانه حمداً غزيرا, والشُكرُ لهُ شُكراً كثيرا, والرِفعَةُ لهُ رفعةً وتقديرا لِجَعْلِهِ الدينَ درباً للشعوب تهتدي بهديِّهِ, وأرسل الأنبياءَ هدىً ورحمةً للقلوب، وقَدَّرَ لِخَلقهِ الأعياد تُذكرهم بجلالهِ, فتتوبُ إليه وتؤوبُ .
نحتفل هذه الأيام بالزيارة التقليديَّة السنويَّة لعيد النبي شعيب عليه السلام، وبهذه المناسبة العطرة يَؤم المقام المقدس أبناء الطائفة لتأديةِ ألفرائض الدينيّةِ وإقامة الصلوات والابتهالات, والتضرُّع للعلي القدير, أن يُعيدها علينا وعلى جميع خلقهِ, والكُلُ يرفُلُ بِحُلل الخير واليُمن والبركة والسعادةِ والسلام .
في هذه المناسبة السعيدة, يُسعِدُني أن أتوجه إلى جميع أبناء الطائفة الأعزاء, مُهنِئاً مُباركاً بهذه الزيارة المباركة, سائلاً ألمولى سبحانه وتعالى, أن يُنعِم على كل فردٍ منهم بالسعادة والهناء, وأن يُعيد عليهم هذا العيد والأعياد الأخرى والكل منهم ينعم بالصحة والعافية وهداة البال.
وأتمنى عليهِ جل جلالهُ أن يُيَسِّر لنا العيش في مجتمعٍ متسامحٍ, يحب الواحد منا فيهِ الآخر, خاليًا من العنف والسلوكيَّات السلبيَّة، وأن نبقي متمسكين بعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة، وأن نحتفل في العيد المُقبل بلقاء مشايخنا وأهلنا من سوريا ولبنان والأردن, وكافة الجاليات الدرزية, وأن نحتفل بهم, وإياهم بالعيد في رحاب مقام النبي الكريم.
اخواني, تنفطِرُ منا القلوب حسرةً ولوعةً عندما نرى ما يجري ويدور, على ارض البلدان المجاورة, من عنفٍ وقسوةٍ وتدنيسٍ للمقدّسات, ومِن قتلٍ وكراهيةٍ وتنكيلٍ بالأقليات, وبِمَن يختلف مع أولئك الظالمين بمعتقده وتفكيره, على خلفيات دينية أو اجتماعية, مُخالفين أمر الله الذي نهى عن قتل النفس البشرية. إنه أمرٌ مقلقٌ ومدمّرٌ, فيهِ القضاءُ على علاقاتٍ ومُفاهماتٍ دينيةٍ واجتماعية تعود الى المئات, لا بل الى ألآلاف من السنين الخوالي. علينا أن نستنكِرُ هذه الأفعال ونشجبها بشدة، وان ندعو الجهات المتقاتلة للتحاورِ وإيجادِ صيغة توافُقية للحد من العنف المُستشري هناك, وحقن الدماء وإنقاذ بلادهم من الدمار.
أن لقاء الأخوة والأهل في رحاب المقام الشريف, متباركين بزيارته، لهوَ من أجمل اللحظات, حيث تلتقي القلوب على عهد الله والحب والوفاء والود والصفاء, وترتاض النفوس في حاضرةِ مقامه الكريم, متواصلة بالمحبة والمودة والألفة أللاتي نحن بحاجة إليها في هذه الأيام .
مِن رحاب هذا المقام الشريف أناشد مَن شذ عن الطريق القويم الذي رسمهُ لنا سيدنا شُعيبٌ عليهِ السلام, مِن أبناء العشيرة التوحيدية الأعزاء الرجوع إلى حاضِرةِ الدين.
والى التعاضد والتآخي والتمسك بأهدابهِ وبالقيم الروحية والمبادئ الشريفة والعادات والتقاليد الموروثة, والتحلي بجواهر الآداب الأخلاقية الإنسانية, والعمل وفق التعاليم والمبادئ التي انبثقت من جوهر ديننا الحنيف.
هذا العيد وهذه الزيارة المباركة لنبينا شعيب عليه ألسلام هي رمز من رموز المحبة والألفة والأخوة والتسامح، يوم تتوحد به كلمة التوحيد وتعلو رايتها، يوم تتلى فيه الصلوات لرب العباد، يوم يكثر فيه الدعاء، يوم البهجة والغبطة، يوم التلاقي والتصافي والاجتهاد، يوم الإجماع على وحدة الكلمة وصفاء القلوب ونقاء النفوس وعلو كلمة الدّين.
لشبابنا الأعزاء الأكارم اقول –
لطالما كُنتم سياجاً للدين وأهله وحماة للتوحيد. بكم تقوا عزيمتنا ومعكم تكتمل وحدتنا. أحييكم على غيرتكم المعروفية وحميّتكُم التوحيديّة.
في ليلة الزيارة المقدسة يقوم بعضٌ من شبابنا الغير متدينين بمسيراتٍ للمقام الشريف، وبدوري أحييهم، أتضرع إليه تعالى أن يسهل مسارهم ويبدد تعبهم ويمدهُم بالعون والقوة، ليصلوا للمقام سالمين معافين.
إخوتي وأحبتي, باسم الهيئة الدينية وقادة الطائفة السياسية والاجتماعيّة - نتمنى لكم مسيرات موفقة وسهلة، ونطلب منكم بأن تكون هذه المسيرات منظمة، هادئة، منتظمة، مرتّبة، تراعي الشروط المطلوبة وتبرز الوجه الحسن للطائفة، تحترم القانون، تراعي الغير، لاتقلق راحتهم، تحافظ على حقوقهم ممتلكاتهم، ولا تزعج أحداً منهم.
نتمنى أن تكون هذه المسيرات تربوية هادفة، لاتخل بالنظام، لا تستعمل فيها مفرقعات مدويّة وعيارات نارية مزعجة، تراعي شعور الآخرين، ويخيّم عليها الجو التوحيدي والهيبة المعروفية. وفقكم الله وسدد خطاكم، لتجتازوا هذه المسيرة وأنتم مُفعمين بنور التوحيد والإيمانِ، بلا كللٍ ولا تعب ودون عوائق وعقبات.
إخواني, أستغل هذا الظرف لأضرع لعزتهِ سبحانه, راجياً منه تعالى, إلهام ولاة الأمر قادة المنطقة, إتمام عملية السلام في هذه الربوع, لتحقن الدماء ويسلم الأبرياء من هول الحروب وسفك الدماء.
في الختام أتمنى للجميع عيداً سعيداً وزيارةً مباركة ومقبولةً, وكل عام والجميع بألف خير, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.