المجتمع السليم أساس لكل شعب متقدم ومتحضر.
بقلم : هادي شكيب قاسم - الرامة
لا شك بان المجتمع الدرزي يعاني من ظروف صعبة ويواجه أزمات على جميع الاصعده:
الثقافية والسياسية والاقتصادية- الاجتماعية والدينية وغيرها وكل مجال كهذا يتطلب دراسة شاملة- واسعة ولا يمكن احتوائها جميعا" في مقال أو دراسة واحدة ولذا رأيت من المناسب التحدث عن العلاقات الدينية – الاجتماعية وأثرها في المجتمع الدرزي وعلى أفراده كبارا" وصغارا", رجالا" ونساء", شيوخا" ورجال دين وآخرين علمانيين.
مكانة الدين في حياتنا الاجتماعية لها أثرها الواسع وهذا ما يميزنا عن غيرنا ولكن استعمال الدين كوسيلة ترهيب وترغيب بوجه أطياف واسعة في المجتمع الدرزي سيؤدي إلى ازدياد الانشقاق بين أبناء الطائفة الواحدة وسيبعد الكثيرين من التقرب من ديننا الحنيف .
يعاني المجتمع الدرزي اليوم من تعددية الآراء التي لا تعكس ديمقراطية الأفكار والآراء وإنما تخلق جوا" من البلبلة وعدم الوضوح وذلك لما يلي:
1. عدم وجود مؤسسة دينية- اجتماعية تمثل جميع أفراد المجتمع الدرزي من نساء ورجال علمانيين ومتدينين ومثقفين.
2. المؤسسة الدينية الحالية لا تتمتع بصلاحيات فعلية ولم نسمع عن دورها منذ تأسيسها إلى اليوم. دورها في حياتنا الاجتماعية وغيرها.
3. عدم وجود مرجعية مؤهلة تستطيع فرض أو إقناع المجتمع بإتباعها.
4. هذا الأمر ساهم في عدم وجود أنظمة واضحة أو رفض تطبيقها لأسباب كثيرة وحتى إن وجدت تكون عشوائية وغير مدروسة بالشكل المطلوب.
5. من هنا نرى أن لكل قرية أو مجتمع درزي له انظمتة وخاصة في مواضيع حساسة كالأفراح والأتراح.
أريد أن اشرح هذا الوضع من خلال ظاهرة المناسبات
للأفراح في المجتمعات الشرقية ميزات خاصة ذات تقاليد وعادات واضحة تساهم في جمع الناس وتقريبهم إلى بعض وتنشر المحبة والألفة ومن هنا تعتبر ظاهرة الأفراح ظاهرة اجتماعية هامة جدا" وخاصة بعد تأثير رجال الدين على مظاهرها ومجرياتها وأحيانا" كثيرة في تقرير مصيرها ولذا لا بد من وقفة حول ذلك ولكن قبل ذلك وحتى لا يكون التباس في كلامي فانا أرى أن مظاهر الغناء والاختلاط والشراب المسكر مرفوضة كليا".
تراودني أسئلة استفهامية عديدة منها:
· ما هو الموقف الحقيقي للدين من الأفراح؟
· لماذا استعمال الدين كأداة حادة وسيف ذو حدين مسلط على رقاب المجتمع؟
· لماذا كان في الماضي مشاركة فاعلة لرجال الدين؟ هل الدين تغير أم موقف رجال الدين؟
· لماذا أصبحت الأمور والمسائل الثانوية صلب الموضوع وابتعدنا عن الأمور الجذرية- الهامة ودخلنا في نقاشات عقيمة- سقيمة ؟
· هل يستطيع رجال الدين المشاركة في الأفراح قبل أو بعد "الحفلة"؟
· لماذا يحرم ويبعد الوالدين عن الصلاة لفترة في حالة كونهم رجال دين؟
· هل يحق لشخصيات دينية معروفة المشاركة في لقاءات على مستوى قطري حيث يعرض أمامهم فقرات غنائية تشمل رقصات ولا يحق لغيرهم؟ هل هذا مسموح والأخر ممنوع؟
تلخيص
طالما يوجد انقطاع وعدم مشاركة رجال الدين في المناسبات وخاصة الأفراح ومباركة أخوانهم , سيزيد من حدة الانقسام والتباعد القائم اليوم بين فئتين: رجال الدين وهم
الأقلية والشريحة الشعبية والمثقفة والمتعلمة وهي الأكثرية.
أنا أرى انه من الضروري أيجاد معادلة اجتماعية أخرى تسمح لرجال الدين معاودة
المشاركة وتضمن المحافظة على القيم والعادات المتبعة.
كل المحاولات التي تقوم بها الرئاسة الدينية مثل إقامة المخيم الديني للشبيبة الدرزية, هو
عمل مبارك وخطوة ايجابية ولكن لا يغير من الوضع القائم ولذا يجب العمل سوية
لإيجاد حلول واقعية تعيد التقارب بين الدين والتراث من جهة والاوجه الدنيوية من جهة
أخرى.
اللهم اجعل طائفتنا موحدة الأهداف ومتعددة الآراء التي تصب في المصلحة العامة.