لا شك أن توقيع الاتفاق بين رئيس الحكومة ووزير المالية من جهة ومنتدى رؤساء المجالس الدرزية والشركسية من جهة أخرى هو خطوة في الاتجاه الصحيح ، هذا الاتفاق الذي ينص على منح القرى الدرزية خلال أسبوعين من الآن مبلغ 200 مليون شيكل ومبلغ إضافي 180 مليون شيكل حتى نهاية عام 2015. أما في السنوات القادمة فسيتم حسب الاتفاق منح القرى الدرزية والشركسية مبلغ مليارد و800 مليون شيكل تقسم على السنوات الأربع المقبلة ، أي حتى نهاية عام 2019 .
ولا شك أن هذه الخطة هي بمثابة الأوكسجين الذي سيمنح كل سلطة محلية في كل قرية من قرانا التنفس والتخفيف عنها للخروج من الضائقة والظلم الذي تعاني منه هذه السلطات في السنوات الأخيرة خاصة وربما منذ قيام الدولة .
إن تحقيق هذا الاتفاق لم يأتِ مِن فراغ أو نتيجة كرَم رئيس الحكومة أو وزير المالية فحسب بل جاء بسبب وقوف رؤساء المجالس المحلية الدرزية وفي مقدمتهم رئيس المنتدى جبر حمود يدًا واحدة متكاتفين ومتفقين معلنين نضالهم المفتوح ابتداءً بالمظاهرات واغلاق مفارق طرق رئيسية وانتهاءً بالإضراب الذي هدَّد به المنتدى الشروع فيه اعتبارًا من يوم أمس بحيث يشمل وربما لأول مرة جهاز التعليم أيضا . والأهم من هذا كله المظاهرة الكبرى التي كانت مقرَّرة ليوم أمس الأحد والتي كان من المتوقع مشاركة آلاف المواطنين فيها من جميع القرى الدرزية أمام مكتب رئيس الحكومة والتي تم إلغاؤها مساء السبت ساعات قليلة قبل اجرائها بعد رضوخ رئيس الحكومة ووزير المالية لمطالب المنتدى ولأن رئيس الحكومة أدرك أن هذه المظاهرة إن جرت قد تؤدي الى عواقب وخيمة وربما لمصادمات عنيفة بين المتظاهرين وأفراد الشرطة ، وهذا لأن الشارع الدرزي يغلي نتيجة الاجحاف والمماطلة وعدم منح السلطات الدرزية الدعم المالي الكافي الذي يمكنها من التغلب على الضائقة التي تعاني منها.
والحق يقال إن الاتفاق هذا سيخفف على السلطات الدرزية هذه الضائقة خلال السنوات الأربع القادمة وسيفتح المجال أمام هذه السلطات لتنفيذ مشاريع حيوية في جميع القرى .
أما الفضل في الوصول الى هذا الانجاز فيعود أولًا لصمود رؤساء المجالس وتمسُّكهم بحقهم العادل والشرعي والقانوني والانساني في الحصول على الميزانيات لمجالسهم ، وثانيًا والأهم اللجوء الى نضال وإضراب مفتوح أوجُهُ المظاهرة الكبرى أمام مكتب رئيس الحكومة في القدس والتي كانت الأهم في دفع رئيس الحكومة ووزير المالية الى توقيع الاتفاق قبل حدوث المظاهرة والغائها . وثالثًا قلق حكومة اسرائيل من التذمر الشديد المتنامي والمتزايد بين أوساط المواطنين الدروز على اختلاف انتماءَاتهم حيث أن كل درزي يشعر بالظلم والتقصير من جهة الحكومة في دعم القرى الدرزية وعدم توفير الميزانيات الكفيلة بتطوير هذه القرى .
والحق يقال إن الطائفة الدرزية على بكرة أبيها كانت موحدة هذه المرة من أجل الحصول على الخطة الخماسية والتي وُعِدَت بها السلطات الدرزية والشركسية والتي لن تكون نهاية المطاف في تحصيل حقوق المواطنين الدروز في هذه الدولة بل خطوة صغيرة يجب أن تتبعها خطوات أكبر لكي يشعر ابن المغار وابن الكرمل وسائر القرى أنّ له حقوق في هذه الدولة كما هو الحال بالنسبة للواجبات التي يقدمها لها .
المغار 8.6.2015