عدالة: ممارسات الشرطة تشبه أنظمة ظلاميّة عرفها التاريخ، كما تذكّر بالحكم العسكري بعد النكبة
تصعيد شرس ومتطرّف تقوده الشرطة الإسرائيليّة في الأيّام الأخيرة ، وذلك بهدف قمع الاحتجاجات في القرى والمدن الفلسطينيّة داخل إسرائيل: عنف وحشيّ، ملاحقة ظلاميّة وإطلاق يدٍ الشرطة والمخابرات الإسرائيليّة في ترويع وترهيب الفلسطينيين وردعهم عن ممارسة حقّهم بالتنظيم والاحتجاج. وقد استخدمت الشرطة الإسرائيليّة وقوى المخابرات سلسلة من الإجراءات التعسفيّة وغير القانونيّة منها الاعتقالات "الاستباقيّة" بالجملة للناشطين السياسيّين، واعتقال لأهالي الناشطين السياسيين بهدف الضغط عليهم، واستخدام العنف الجسدي بحق المعتقلين أثناء تواجدهم في مراكز الشرطة. محامو مركز عدالة، مركز الميزان وصندوق المدافعين عن حقوق الإنسان، إلى جانب محامين متطوّعين، يمثّلون المعتقلين في جلسات تمديد الاعتقال ويجمعون إفادات الناشطين وشهود العيان حول الانتهاكات الصارخة التي تمارسها القوى الأمنيّة الإسرائيليّة.
وجاء من مركز عدالة أن "الشرطة الإسرائيليّة، بدعمٍ كاملٍ من الجهاز القضائيّ، تستخدم ممارسات وحشيّة لا تمتّ للقانون بصلة من أجل قمع الاحتجاجات الشرعيّة للمواطنين الفلسطينيين ضد السياسات الإسرائيليّة. ممارسات الشرطة شبيهة جدًا بممارسات أنظمة ظلاميّة عرفها التاريخ، كما تذكّر بالحكم العسكري الإسرائيلي على الفلسطينيين داخل إسرائيل بعد النكبة. الهدف الأساسي لعمليّات الشرطة هو التخويف والترهيب والتهديد لردع الفلسطينيين عن المطالبة بحقوقهم."
اعتقال أهالي الناشطين السياسيين بهدف الضغط عليهم: اعتقلت الشرطة الإسرائيليّة عددًا من ذوي الناشطين السياسيين بتهمٍ خطيرة جدًا منها التحريض على الإرهاب. أما على أرض الواقع، فإن الشرطة لم تجر معهم أي تحقيق، ولبعضهم قيل في مراكز الشرطة أنهم غير مشتبهين بأي مخالفات وقد أطلق سراحهم فيما بعد. هذه الحالات تثبت أن المحاكم لم تبذل أي مجهود في التحقق من الأسس القانونيّة أو الأدلة الداعمة لطلبات الاعتقال قبل إصدار أوامر الاعتقال. كذلك، اعتقلت الشرطة الإسرائيليّة ثلاثة سائقي حافلات أقلّت المتظاهرين، مع العلم بأنهم كانوا يمارسون مهنتهم ولا تربطهم بتنظيم المظاهرة أي صلة. وقد أبقت الشرطة سائقي الحافلات رهن الاعتقال حتى صباح يوم الجمعة حيث نقلتهم المحكمة للحبس المنزليّ.
اعتقالات "استباقيّة" غير قانونيّة: أصدرت الشرطة الإسرائيليّة عشرات أوامر الاعتقال بحق ناشطين سياسيين بتهمة "محاولة تنظيم تجمهر محظور في نهايته نيّة للشغب"، وذلك بحسب تعبير الناطق بلسان الشرطة الإسرائيليّة. وقد اعتقلت الشرطة 7 نشطاء في حين صدرت أوامر اعتقال بحق آخرين. من الجدير بالذكر أن لهذه الاعتقالات لا يوجد أي أساس قانونيّ، وأن التهم التي تحدّثت عنها الشرطة غير موجودة أصلًا في كتاب القوانين الإسرائيلي. لا يمكن الإعلان عن مظاهرة بأنها غير قانونيّة قبل أن تبدأ، ولا يمكن اعتقال مشتبهين بناءً على نواياهم وأفكارهم. "الشرطة الإسرائيليّة تتصرّف على أنها فوق القانون" جاء من مركز عدالة.
اعتقال الأطفال وانتهاكات صارخة بحقّهم: تواصل الشرطة الإسرائيليّة سياسة اعتقال الأطفال والانتهاكات الخطيرة بحقّهم خلال الاعتقال. في الأيّام الأخيرة، اعتقلت الشرطة أطفال وحققت معهم دون أن تسمح لهم بلقاء محامي ودون وجود أي من ذويهم وفي ساعات الليل المتأخرة، كما أُجبروا على التوقيع على مستندات لم يفهموا محتواها. وذلك كله ما يتناقض جذريًا مع قانون الأحداث الإسرائيليّ. في جلسة المحكمة، طلبت الشرطة من القاضي أن لا يأخذ بعين الاعتبار حقيقة أن المعتقلين ليس لديهم أي سوابق جنائيّة، وذلك بسبب الخلفيّة الأيديولوجيّة للاعتقال والأحداث الأمنيّة الأخيرة. المحكمة، في غالب الحالات، تبنّت طلبات الشرطة هذه.
عنف الشرطة ضد المعتقلين: عدد من المعتقلين تم نقلهم إلى المستشفى بعد اعتقالهم على أثر الاعتداء عليهم. إحدى الفتيات اللاتي تم اعتقالهنّ تعاني من نزيف داخليّ وكسور في أضلع القفص الصدريّ. أحد الأطفال المعتقلين كُسرت رجله وخضع لعمليّة جراحيّة. كذلك، ظهرت علامات العنف والضرب على جسد المعتقلين، والأطفال منهم خاصةً، وقد اعترفت الشرطة في حالة واحدة فقط بأنها استخدمت ضد المعتقل "قوة معقولة".
حصيلة الاعتقالات حتّى مساء يوم الجمعة :اعتقلت الشرطة الأسرائيليّة ما يقارب 100 فلسطيني وفلسطينيّة منذ بدء الأحداث الأخيرة وحتّى مساء يوم الجمعة 9.10.2015، في عدّة قرى ومدن عربيّة منها الناصرة، حيفا، طمرة، يافا، الطيبة، أم الفحم، وسخنين. وقد قدّمت الشرطة طلبات لتمديد الاعتقال ضد أغلبية المعتقلين الساحقة، وصادقت المحاكم على هذه الطلبات دون أي نقدٍ أو تشكيك برواية الشرطة. خلال جلسات المحكمة، تعاملت المحكمة بتسامح تام مع الانتهاكات الحقوقيّة الصارخة التي مارستها الشرطة بحق المتظاهرين، الأطفال منهم خاصةً. المحاكم أصدرت قرارات بتمديد اعتقالات بشكلٍ غير مبرر ويمس بشكلٍ بالغ بالحريّات الأساسيّة للفلسطينيين.