مارست جهات حكومية رفيعة ضغوطاتٍ حكوميةً شديدةً في الأسبوعيْن الأخيريْن على بلدية حيفا، لعدم إلغاء قرار تجميد ميزانية الدعم التي تقدّمها لمسرح الميدان، بقيمة أكثر من مليون شيكل سنويًا.
وقام كلٌ من وزيرة الثقافة ميري ريغف ووزير الداخلية سيلفان شالوم (وكلاهما من حزب "الليكود") بإجراء اتصالات مع كبار موظفي البلدية ومع أعضاء في المجلس البلدي، للإبقاء على التجميد. هذا مع العلم أنّ هناك تغيّرًا إيجابيًا في موقف رئيس البلدية، يونا ياهف، باتجاه إلغاء التجميد.
وبالمقابل، تمّ تأجيل جلسة المحكمة العليا في الالتماس الذي قدمه مسرح "الميدان" ضد البلدية وضد وزارة الثقافة بواسطة مركز "عدالة"، والتي كان من المقرّر أن تُعقد يوم الخميس الماضي. وتم تحديد جلسة جديدة ليوم الأربعاء 4 تشرين الثاني، أي بعد جلسة المجلس البلدي المقرّرة ليوم الثلاثاء 3 تشرين الثاني.
وتأتي هذه التطوّرات تأتي بعد إدراك وزارة الثقافة بأنّ موقفها القانوني ضعيف، خاصةً في ظل موقف المستشار القضائي بمنع تدخّل وزيرة الثقافي أو أي جسم سياسي بالمضامين الفنيّة والثقافيّة للمؤسسات الثقافية. وبالتالي يتم الضغط على البلدية للإبقاء على التجميد كورقة قضائية وجماهيرية.
·تدخّلات سياسية عليا!
هذا، وعُلِم انّ موقف المستشار القضائي لبلدية حيفا، المحامي ريشف حين، هو ضرورة إلغاء التجميد. إلا أنّ بعض كتل اليمين في البلدية، لا سيما "الليكود" و"البيت اليهودي"، تضغط لتعطيل هذا الإجراء لاعتبارات سياسية، مستغلة الأوضاع الحالية. وكانت "لجنة الدعم" التابعة لبلدية حيفا قد عقدت الأسبوع الماضي جلسة لبحث الموضوع، تم الكشف خلالها عن الاتصالات الحكومية المكثفة، والضغوطات لمنع اتخاذ قرار لإعادة الدعم. هذا مع العلم بأنّ مسرح "الميدان" قد قدّم كل التقارير المالية التي طلبتها البلدية. وجاء هذا بعد تراجع جزء من أعضاء لجنة الفحص التي تم تشكيلها في شهر أيّار 2015 عن التفاهمات التي تمّ التوصّل إليها، والتي قضت في حينه بإعادة الدعم. وذلك بعد تدخّل رئيس حزب "البيت اليهودي" الوزير نفتالي بينت وجهات حكومية أخرى.
·ضدّ كم الأفواه!
وقال نائب رئيس بلدية حيفا د. سهيل أسعد ("الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة"): منذ تفجّر هذه القضية وحتى اليوم موقفنا ثابت؛ وهو إعادة الدعم للمسرح ورفض أي رقابة سياسية على مضامينه الفنية. التطوّرات الأخيرة إيجابية بالمُجمل وتثبت صحة موقفنا، وأنّ الاعتبارات الواقفة وراء تجميد الدعم لمسرح الميدان ليست قانونية وطبعًا ليست مهنية، وإنما اعتبارات سياسية محض.
وأضاف د. أسعد: نواصل اتصالاتنا على جميع المستويات في البلدية من أجل إلغاء هذه الخطوات الجائرة، ونعمل بالتعاون والتنسيق مع مسرح الميدان والجمعيات الحقوقية من أجل إنهاء هذا الملف والحفاظ على المسرح وعلى الحياة الثقافية العربية في المدينة. ونأمل أن ننجح في هذا وأن يشكّل هذا النجاح محطّة هامة في التصدّي لسياسة كم الأفواه التي تقودها وزيرة الثقافة ريغف. ونؤكد مجددًا أن لا مكان لهذه السياسة ولا مكان للرضوخ لها في مدينة مثل حيفا.