العبوة النازفة : كي يبقى العطاء قيمة سامية - بقلم معين أبو عيد

بقلم معين ابو عيد,
تاريخ النشر 20/01/2016 - 08:55:30 pm

"إلى كلّ من يدعو إلى المحبّة والإنسانيّة، ويوافق على ما جاء في كتاب إنسان حمامة الذي كتب: عندما تشرق شمس المحبّة في آفاق نفوسنا تظهر الإنسانيّة في أعمالنا".
عندما نقرأ إهداء رواية العبوة النازفة للكاتب المميّز الكبير الغنيّ عن التعريف، الزميل فهيم أبو ركن تنصهر كلّ التحليلات، وتعجز كلّ العبارات لإعطائه حقه كإنسان كاتب وصحفيّ، وقد جعلت عنوان المقالة إهدائي وردِّي المتواضع للكاتب.
هذه العبوة التي كادت تنفجر على متن السفينة في عرض البحر الذي يخفي أسرار الكون وكينونته، هي عبوة نازفة تفجر معها أحلام وتطلعات أناس عُزّل، بغضّ النظر عن انتمائهم الديني والعرقي، عبر الإرهاب الذي لا يعرف معنى الشفقة والرحمة ويتجاوز كل الحدود والخطوط، إلّا أنّ الكاتب، بحنكته، ينجح بوضع حدّ لتفجير العبوة التي لا شكّ أنها ستخلّف الترمل وإراقة الدماء وتسلب البسمة والأمل.
الأمر الذي إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على ميزات وشخصية الكاتب الحميدة التي دعا إليها دائمًا، فهو يدعو إلى الألفة والمحبّة واحترام وقبول الغير، وضرورة محاربة السلبيّات ومظاهر العنف والتشرّد والعنصريّة، وقد وضح هذا النهج والمسلك وضوح الشمس في الرواية التي صوّر من خلالها واقعنا المرّ والمعاناة وقضاياه بأسلوب راقٍ وعبارات فلسفيّة، ومشاعر ممزوجة بالصراعات النفسيّة والمواقف الوطنيّة الّتي لها دورها وأثرها في حياتنا اليوميّة خاصّةً في هذه الظروف العصيبة التي نعيشها والآخذة بالتردّي والتعقيد. 
نعم، أقولها بكلّ فخر واعتزاز، ودون تردّد مرّة تلو الأخرى، إنّ كاتبنا يتمتّع بقدرات وطاقات وأفكار واسعة تستحق كلّ التقدير والثناء، وقد ساهمت تلك الأفكار بدفع ودعم ورفعة الحركة الثقافيّة والتربويّة من خلال كتاباته الصريحة، ونقده البنّاء، ولعل في مقالتي قبل أكثر من سنتين تحت عنوان "الحديث منبر من لا منبر له"، أكبر دليل وشهادة، بالإضافة إلى تقييم نخبة من كبار النقّاد والكتاب والشعراء لهذه الرواية خلال الأمسية التكريميّة التي أقيمت في قاعات كنيسة مار يوحنّا في حيفا، بحضور عدد من المثقفين وشخصيّات رسميّة وشعبيّة الذين أبحروا عميقا في بحر عطائه الذي لا يعرف حدودًا، وتكرّموا بتفكيك العبوة النازفة بكلّ دقة خوفًا من انفجارها وأشادوا، بأسلوبه الرائع وإبداعه وفلسفته العميقة والحكيمة التي تعكس شخصيّة مثقفة مميزة تكتب وتعيش الواقع بحسّ وذوق عال.
وممّا جاء في المقالة كان الدور الذي تقوم به صحيفة "الحديث" منذ صدورها، دورًا إيجابيًّا متزنًا فهي تعالج السلبيّات وتوجّه النقد البناء بكلّ مصداقية، وتعكس الواقع وتطرحه بأسلوب حضاريّ برهنت على وجود طاقات شابّة جديدة طموحة أثبتت مهنتها وقدراتها الإبداعيّة الأمر الذي دعم وساهم في إثراء الإبداع والفكر وخلق منافسة في صفوف هذا المجال وحملة الأقلام.
وأؤكّد أني لم أنسج كلماتي هذه سعيًا وراء تحقيق هدف، ولا محرِّضا، لا سمح الله، بل لأنبّه بعض وسائل الإعلام التي ترفض نشر المقالات الجريئة البنّاءة في نقدها، والهادفة للتوعية والإصلاح، وفضح المستور من السلبيّات التي نسيت وتناست قواعد أسس المهنة، وحريّة الرأي وانجرفت وراء المكاسب الشخصية، هذه الصحف والمواقع أشبّهها بالحركة الحزبيّة التي تغطّي رغبة وإرادة وسياسة وثقافة شخصيّات معيّنة، وقد فقد هذا النوع استقلاليّته ومصداقيّته.
أدام الله قلمكَ الحرّ ومواقفك الإنسانيّة، تواضعك وعطاءك المتدفّق، والله من وراء القصد.

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 2385
//echo 111; ?>