يترقب الشارع الدرزي في مدينة شفاعمرو مصير منصب نائب رئيس البلدية الذي سيحسم في غضون الأشهر القريبة القادمة، ويدور الصراع على هذا المنصب بين نائب رئيس البلدية الحالي مهنا أبو شاح وعضو البلدية فرج خنيفس، حيث يرغب أبو شاح بالاستمرار في منصبه حتى نهاية دورة المجلس البلدي، وفي المقابل يطمح خنيفس إلى تولي هذا المنصب خلال الفترة المقبلة.
تعود جذور هذا الصراع إلى فترة الانتخابات الأخيرة التي شهدت منافسة حادة على منصب نائب رئيس البلدية، حيث أعلنت حينها قائمة الشباب للتغيير والتوحيد برئاسة مهنا أبو شاح دعمها لرئيس البلدية الحالي أمين عنبتاوي، وتؤكد قيادة قائمة الشباب بأن عنبتاوي وعدها بانتخاب أبو شاح نائبًا لرئيس البلدية لمدة خمس سنوات كاملة، في حين قامت قائمة دروز شفاعمرو برئاسة فرج خنيفس بدعم عنبتاوي بشكل غير علني، ويشير أنصار هذه القائمة إلى أن عنبتاوي وعدهم بانتخاب خنيفس نائبًا لرئيس البلدية لنصف المدة.
لقد تم التوصل إلى حل وسط لهذه الأزمة بانتخاب أبو شاح نائبًا لمدة ثلاثين شهرًا دون الإشارة إلى مصير هذا المنصب بعد انتهاء هذه الفترة، بناءً على ذلك ظلت هذه المسألة مثار جدل في الشارع الدرزي منذ الانتخابات واستمرت إلى يومنا هذا، حيث ستطرح هذه القضية على طاولة المجلس البلدي من أجل البت فيها، ومن بين الخيارات المطروحة التمديد لأبي شاح أو انتخاب خنيفس خلفًا له أو شغور هذا المنصب.
لا شك أن القرار الأول والأخير في هذه المسألة يعود إلى رئيس البلدية أمين عنبتاوي الذي في يده صلاحية تعيين نوابه والقائم بأعماله، حيث يقوم بعرض اقتراحه على المجلس البلدي من أجل التصويت عليه، وعادة يوافق أعضاء الائتلاف على اقتراح الرئيس، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هو القرار سيقترحه الرئيس على طاولة المجلس البلدي ؟!، يبدو أن الإجابة على هذا السؤال لا يعلمها إلا رئيس البلدية نفسه.
في اعتقادي أن رئيس البلدية أمين عنبتاوي يتحمل المسؤولية الكاملة في خلق هذه الأزمة بسبب وعوده المتناقضة التي قطعها على نفسه خلال المعركة الانتخابية، حيث كان كل همه الوصول إلى كرسي الرئاسة حتى بثمن إشعال فتيل التوتر بين أبناء الطائفة الواحدة، وأدى تصرفه هذا إلى إحداث شرخ في صفوف الطائفة الدرزية التي انقسمت على نفسها حيال هذه المسألة الخلافية.
تعود هذه القضية لتثير النقاش في الشارع الدرزي مع قرب انتهاء مدة الثلاثين شهرًا التي حددها المجلس البلدي في قراره الشهير، وينقسم أبناء الطائفة الدرزية بشأن هذه القضية بين مؤيد لمواصلة تولي السيد مهنا أبو شاح مهام منصبه نائبًا لرئيس البلدية وبين مطالب بإسناد هذا المنصب للسيد فرج خنيفس.
أعتقد أن مسألة النيابة استنزفت الكثير من وقتنا في جدال عقيم ألهانا عن القضية الأساس التي يجب أن تشغل بالنا، وهي أداء ممثلي الطائفة الدرزية في بلدية شفاعمرو، حيث لم يحقق ممثلو الطائفة الدرزية أي انجاز يذكر منذ بداية عمل المجلس البلدي الحالي، ولم يقوموا بالعمل على تطوير الأحياء الدرزية التي تفتقر إلى أبسط الخدمات وتعاني من إهمال وتهميش متواصلين.
وفي هذا السياق لا تزال العديد من قضايا الشارع الدرزي الحارقة عالقة تنتظر إيجاد الحل المناسب، وعلى رأس هذه القضايا توزيع قسائم البناء للأزواج الشابة في حي الجنود المسرحين، بالإضافة إلى حل قضية البناء غير المرخص في حي أبو شاح، وكذلك افتتاح المركز الثقافي في حي الجنود المسرحين.
الاهتمام بالعمل على حل هذه القضايا وغيرها الكثير أهم من الانشغال بمسألة النيابة، والتي لا يستفيد منها غير صاحبها الذي يتقاضى راتبًا دسمًا مقابل شغله لهذا المنصب، بينما يرزح غالبية أبناء الطائفة الدرزية تحت ظروف قاسية لا تلائم متطلبات القرن الحادي والعشرين.
علينا التفكير بشكل جدي بمستقل الطائفة الدرزية ومصيرها في هذا البلد الذي تعتبر ركنًا من أركانه، ويجب أن لا يغيب عن بالنا أن مكانة الطائفة الدرزية في شفاعمرو تمر بحالة من التراجع المستمر، الأمر الذي يتطلب منا التكاتف والتعالي عن صغائر الأمور من أجل بناء مستقبل واعد تتحقق فيه آمال أبناء الطائفة بالتطور والتقدم والعيش الكريم.