ايها العابرون
شعر كمال ابراهيم
إعْلموا أيُّها العابـِرونَ
ها هُنا
أني إذا رَحَلـْتُ
سَأعودُ يوماً
مَعَ العَواصِفِ والرِّياحْ
وَحَبّات اللقاحْ.
أعودُ مع الطـيرِ المُهاجـِرِ
مِنَ الشمالِ إلى الجَنوبِ
والنِّسْرِ المُكابـِرِ
أقطعُ المسافاتْ
لأحُطـَّ بين الرَّوابي والتـِّلالْ .
إعلموا أيُّها العابرونَ
فوقَ الثـَّرى
والزاحفونَ نحوَ المدائنِ والقرى ،
أني إذا رحلتُ يوماً
سأعودُ مَعْ هبّاتِ النـَّسيمِ
في الصَّباحْ ،
أفتـَرِشُ الأرضَ
وأبعَثُ الذكرى
ألَمْلـِمُ الماضي والجـِراحْ
عَبرَ الفـَيافي والسُّهولْ
أشِمُّ عبيرَ البَنَفسَجِ
وَرائحَةَ الحُقولْ .
إعلموا أني مُتجَذرٌ هنا
في الصَّخرِ
قبلَ وبعدَ المَماتِ
أحْكي قصَّةَ العُمرِ ،
أنشرُها في الليل
وفي الفجْرِ ،
مع بُزوغِ الشـَّمْسِ
لتناطِحَ السَّحابْ .
إعلموا أني إذا متُّ
أعودُ
وعندما أعود
سأبني كوخا خالدا
أحفرُهُ في الصَّخرِ
يُطِلُّ على البَحرِ
ليُهدي مَوجُهُ السّاحِلَ والرِّمالْ
شِعراً جميلا
يُرَدِّدُهُ الصِّغارُ والكبارْ
عبرَ العُصورِ والأجيالْ ،
شِعراً كلـُّهُ مآثِرْ
يَرْوي قِصَّة وَطـَن
عاشَ القهرَ والذلَّ
وَوَيْلاتِ الحُروبْ ،
شِعراً ينشـُدُ الحُبَّ والسِّلمَ
لكلِّ الشعوبْ .