جاءنا من الناطق الرسميّ لاتّحاد الكرمل للأدباء الفلسطينيّين الشاعر علي هيبي: مساء الخميس الفائت وفي مبنى بلديّة الطيّبة، ووسط أجواء مفعمة بالأمل الساطع وتحت أضواء من النور والحلم أقيم معرض التراث الفلسطينيّ ضمن برنامج واسع من الفعاليّات الثقافيّة والوطنيّة من دبكات وغناء ومعارض للأعمال اليدويّة الفنيّة، كلّ ذلك كان لإحياء التراث الوطنيّ الفلسطينيّ، وكلّ ذلك تحت رعاية بلديّة الطيّبة.
ولكنّ الاحتفاء برغد الناشف الروائيّة الواعدة والطالبة ابنة الصفّ الثاني عشر وبتجربتها الفريدة والمميّزة في كتابة روايتها باللغة الإنجليزيّة لهو حدث جليل يستوجب التوقّف عنده كحدث عظيم على المستوى الأدبيّ العربيّ في بلادنا، وكان إشهار روايتها (in the right attic The girl) (الفتاة في العليّة اليمنى) في صميم هذه الفعاليّات، بل ويعدّ الحدث الأبرز ضمن هذه النشاطات.
ففي قاعة البلديّة تجمّع المئات من أهالي الطيّبة والقرى والمدن المجاورة، وبحضور وفد كبير من أعضاء اتّحاد الكرمل للأدباء الفلسطينيّين، والذي استقبل بحرارة من قبل رئيس البلديّة السيّد شعاع منصور وعدد من أعضاء لجنة رعاية الإبداع، والتي يرأسها الكاتب عبد الرحيم الشيخ يوسف نائب رئيس اتّحاد الكرمل، وأهالي الطيّبة ومثقّفيها. في هذه الأجواء البهيجة أقيم الاحتفال التكريميّ للروائيّة الناشئة رغد الناشف.
وقد تولّى عرافة الاحتفال وأداره الكاتب والمربّي أحمد عازم أحد أعضاء لجنة الإبداع المحليّة وعضو اتّحاد الكرمل، وقدّم للافتتاح بكلمة حول الأدب والإبداع والتجربة الأدبيّة عامّة وتجربة رغد بشكل خاصّ، وذلك بتناول جرأتها الأدبيّة وهي ابنة اللغة والثقافة العربيّة في السلوك في هذا الطريق المثير والصعب، وهو كتابة رواية بغير لغة الأمّ،
أمّا السيّد شعاع منصور رئيس بلديّة الطيّبة فقد تحدّث عن الاهتمام الخاصّ لإدارته بالجوانب التعليميّة والثقافيّة المختلفة، فقد ذكر أنّه ومنذ تولّيه رئاسة البلديّة قبل عام فقط قد شارك ورعى 44 ورشة فنيّة وتثقيفيّة، وقد دأب منصور منذ ذلك الحين على تعزيز هذا الاتّجاه الحضاريّ لإعادة الطيّبة إلى المسار الصحيح والمشرق. وقد شكر الحضور من أهال وضيوف لوجودهم ومشاركتهم في هذا العرس الوطنيّ الملتزم، وبالأخضّ مشاركة رغد فرحتها بصدور روايتها الرائعة.
كما قدّم المربي عدنان عازم مدير الكليّة المتعدّدة المجالات، وهي المدرسة التي تتعلّم فيها رغد الناشف، قدّم تحيّته لاتّحاد الكرمل وللجنة الإبداع على رعايتهم لهذه الجوانب التي لا تستطيعها المدارس، كما عبّر عن غبطته واعتزازه بهذا الإنجاز الكبير لطالبة من مدرسته.
أمّا الأستاذ عبد الرحيم الشيخ يوسف رئيس لجنة الإبداع ونائب رئيس اتّحاد الكرمل فقد أشار في مداخلته إلى عمل لجنة الإبداع وأسلوبها في رعاية هؤلاء الكتّاب الواعدين، ومن الجدير ذكره أنّ اللجنة بدأت نشاطها منذ سنة 2013، وتسعى دائمًا إلى حثّ البلديّة على إنجاز المشاريع الثقافيّة وليس الماديّة فقط، آملًا أن تصرف نصف الميزانيّة على بناء الإنسان ثقافيًّا وحضاريًّا ورعاية المؤسّسات التعليميّة وسائر الهيئات التثقيفيّة، وأشار إلى أنّ اللجنة والبلديّة في الطيّبة تعكفان الآن على إخراج ديوان الشاعر الراحل محمّد نجم الدين الناشف، ابن الطيّبة بثلاثة مجلّدات.
ثمّ ألقى رئيس اتّحاد الكرمل الكاتب فتحي فوراني كلمة الاتّحاد، وتقدّم بالشكر لرئيس البلديّة على هذا الحرص الجميل والرعاية الأبويّة للجانب الأدبيّ والفنيّ والثقافيّ، وقد أشار إلى مغامرة رغد في مجال الكتابة بالإنجليزيّة، واعتبرها جرأة إبداعيّة لافتة في المشهد الأدبيّ المحليّ، ولعلّها التجربة الأولى في هذا المجال، وكذلك تكلّم عن نشاطات اتّحاد الكرمل للأدباء الفلسطينيّين بشكل عامّ وبخاصّة حضوره في المدارس وفعاليّاته التثقيفيّة لطلّابنا، وأشار إلى أنّ أوّل نشاط لنا بعد التأسيس كان في مدارس الطيّبة بمناسبة اليوم العالميّ للغة العربيّة سنة 2014.
الدكتور بطرس دلّة رئيس لجنة المراقبة في الاتّحاد قدّم مداخلة نقديّة حول الرواية ومبناها بشكل عامّ كجنس أدبيّ صعب، ومن ثمّ استعرض أحداث الرواية البارزة وأدوار شخصيّاتها، وبخاصّة بطلتها "ليلي"، وما تحلّت به من قيم إنسانيّة، والصراع الدائم بين هذه القيم وعالم الماديّات البشع، كما تحدّث عن لغة الرواية الرشيقة وذات الإيحاءات والدلالات العميقة والتي تكشف عن أعماق الشخصيّات وعوالمهم الخفيّة.
كما قدّم الدكتور منير توما مداخلة نقديّة مفصّلة حول الرواية، وبالذات تجربة المؤلّفة الواعدة، فقد قام بتحليل الأحداث، وبخاصّة تلك التي أدّت إلى تحولّات هائلة في تسلسل الأحداث وحبكتها، وبخاصّة الانتقال إلى لندن وموت الأب بعد انهيار صناعته وتشرّد الفتاة "ليلي" في شوارع غريبة، وقد أشار د. توما إلى سير الأحداث بانسيابيّة فنيّة رائعة وبخلوّها من الصدف غير الواقعيّة، ولكنّه أيضًا أشار إلى بعض الهنات الفنيّة واللغويّة البسيطة تشجيعًا منه لرغد في إبداعاتها القادمة.
المربّية إيناس أبو عيطة جبارة، وهي إحدى المعلّمات في الكليّة، وهي التي رافقت رغد خلال عمليّة الكتابة الروائيّة، فقدّمت شكرها وعبّرت عن اعتزازها بهذا العمل الكبير.
أمّا الشاعر الزجّال شحادة الخوري وهو أحد أعضاء اتّحاد الكرمل للأدباء فقد أتحف الجمهور بفقرة زجليّة رائعة حول اللغة العربيّة وما تتعرّض له من أصحابها من إهمال.
أمّا مسك الختام فكانت كلمة الكاتبة المحتفى بها رغد الناشف وباللغة الإنجليزيّة، فشكرت كلّ الذين ساهموا وشاركوا في حضور هذه الأمسية المدهشة، وبخاصّة لجنة الإبداع والبلديّة الذين لولاهم ما وصلت رغد إلى هذا الإنجاز الذي اعتبرته إنجازًا للطيّبة كلّها، وقد عبّرت عن تقبّلها النقد الموضوعيّ وعن استفادتها من الملاحظات، كما وعدت أن تخوض تجربة التأليف في اللغة العربيّة أيضًا.
وكان خلال الاحتفال قد قدّم رئيس البلديّة درعًا تقديريًّا رمزيًّا كبيرًا لرغد على إبداعها وروايتها بشكل خاصّ، ودعا الضيوف إلى وجبة عشاء في أحد مطاعم المدينة.