كان الكاتب الكبير طه حسين يقول لغتنا العربية يسر لا عسر ولنا ان نضيف عليها من كلمات وألفاظ لم تكن مستعملة في العهد القديم وكان يقولها في محطة الشرق الأوسط المصرية وكنت حينها طالبا في الثانوية.
نطق شرقنا في الأزمان الغابرة بلغة واحدة وهي اللغة السامية القديمة(שפה שמית קדומה). انشق من هذه اللغة كل من العربية والعبرية والآرامية والآشورية والبابلية والأكادية وغيرها. فاللغة الآرامية كانت لغة السيد المسيح مع ان الإنجيل كتب بنسخته الاصلية باللغة اليونانية ثم ترجم الى السريانية واللاتينية ولاحقا الى جميع لغات الكون. وهناك صلاة الميت (קדיש)عند اليهود تقرأ باللغة الآرامية. وكذلك التوراة بأسفارها الخمسة وكتاب المزامير للنبي داوود كتبت باللغة العبرية وكتب القراَن باللغة العربية. اما ما يخص باقي اللغات السامية ف قد انقرضت واضمحلت واندثر إرثها التاريخي. حافظت اللغة العربية على مكانتها وإرثها الرائد في الشرق على ممر العصور السالفة وكانت تكتب بدون نقاط ولا حركات. الا أن جاء ابو الأسود الدؤلي ووضع النقاط على الحروف. ولاحقاً إبان الخلافة العباسية تم وضع قواعد لهذه اللغة العظيمة على يد سيبويه ولفيف من فقهاء اللغة والنحو في تلك الحقبة.
ما تتعرض له اللغة العربية في مجتمعنا من تشويه وتشرذم طامة كبرى ووأد لإرثنا الحضاري والتربوي والثقافي .
تتكلم الأغلبية الساحقة منا بلغة السٓلٓطٓة. خليط من العبري والعربي والإنجليزي وقليل من البقدونس والملح والحامض. وأثناء تواجدنا في المدن والبلدات اليهودية ناَثر التكلم بالعبرية مع بعضنا وننسى لغتنا الام.
يحكى عن الغراب انه كان معجبا بمشية واختيال الدوري ولما بدا يقلده فقد مشيته. وهذا ما حدث لنا بالضبط. لا مانع عندي ان تتعلموا وتكتبوا وتنطقوا بلغة اخرى من باب العلم ولكن إياكم ثم إياكم التفريط بلغتكم. ادرسوها بحذافيرها وأتقنوها وادرسوا قواعدها وكلماتها وحروفها وجملها وتعرفوا الى طلاميسها فإنها والله أجمل لغات الكون قاطبة.
وكيف لك ان لم تتقن لغتك بحذافيرها ان تتمتع بشعر طرفة وامرأ القيس وابن الرومي والبحتري وأبو العتاهية وبشار والمتنبي وأبو العلاء ورباعيات الخيام والقائمة تطول وتطول وتطول.
احفظوا هذه الجوهرة النفيسة ولا تفرطوا بها وصونوها وحافظوا عليها فالضاد هو ضميركم ولغة آبائكم وأجدادهم. وترنم من لغة القرآٓن فروحي عربية.والصلاة والسلام على اخر المرسلين المصطفى الهادي الأمين.
