علمنا أن منتدى السلطات المحلية قرّر الإعلان عن إضرابٍ عام في القرى الدرزية، احتجاجًا على أوامر هدم أربعة بيوت في المغار وبعض البيوت في عسفيا ويركا. وكان من المفروض، طالما أنّنا في "الهوا سوا" أن تشارك قياداتنا في نضالات الوسط العربي عمومًا بدلًا من ترسيخ سياسة "فرّق تسُدْ".
غير أنّ إعلان الإضراب ليوم الثلاثاء القادم يفتقد إلى تفاصيل، ناهيك عن أنّ الإعلان عنه جاء بدون تجنيد وافٍ للرّأي العام والجمهور للمشاركة فيه، ومن خلال ترك السّاحة لمجموعات من الغيورين الذي راحوا يبادرون لنشاطات محلّيّة قد تكون مضرٌة رغم نوايا أصحابها الحسنة.
إنّ من أسس النّشاط النّضالي هو تجنيد الرّأي العام، بمختلف الوسائل ومن خلال توعيته وإقناعه بالمشاركة في النشاطات النضالية. فلا يصحّ القيام بنشاطات عشوائية، على طريقة "فشة غُل" كما نقول باللهجة العامّيّة، أو لمجرّد التّنفيس، أو لإسقاط الواجب. كما أنّه لا يصحّ القيام بخطواتٍ نضاليّة بدون وضع خطّة تصعيديّة تشمل برنامجًا واضحًا لنشاطات تصاعديّة، وصولًا إلى القمّة، طالما لم تعلن السلطات بشكل قاطع بأنّها تراجعت عن نواياها وألغت قراراتها.
الواقع الحاصل إلى الآن هو نشاطاتٌ عشوائيّة، في وقت تترك فيه القيادات فراغات على السّاحة وتستدعي، بالتّالي، مبادراتٍ محليّة يقوم بها غيورون لا يكتفون بما تقوم بها القيادات. ومن يتابع التعليقات في وسائل التّواصل يشعر بهذا الفراغ، وبالمبادرات الفردية والمحلية.
بناء على ما تقدّم، ومن منطلق إيماننا بأنّ القيادات معنيّة بحل هذه الأزمة على أكمل وجه، نعود ونقترح (وخصوصًا على أصدقائنا رؤساء السلطات المحلية) ما يلي:
أوّلًا، إصدار منشور جماعيٍّ ومكتوب يُعمّم بعشرات الوسائل المتاح بحيث يصل إلى كلّ بيت وإلى جميع وسائل الإعلام، يضع النقاط على الحروف من حيث شرح القضية وخلفيتها وأبعادها، يضع برنامجًا تصاعديّا لمواجهة الهجمة الراهنة، ويوضح للجمهور ما هي القطاعات والفئات المدعوّة للمشاركة في كلّ نشاط ونشاط. مثلًا، لم يصدر منشور مشترك عن إضراب يوم الثلاثاء القادم. والكثيرون لا يعرفون هل هم مدعوّون للمشاركة في الإضراب أم لا (العمال، الموظفون، المدارس، التجار وغيرهم). يستتبع ذلك ضرورة العمل على تغطية واسعة ليوم الإضراب والتوضيح لوسائل الإعلام والرأي العام أن عدم استجابة السلطات لمطالبنا سيعني القيام خطوات تصعيدية عينيّة.
طبعًا، مع الاهتمام بأن لا تتأخّر الخطوات عن مواعيدها المناسبة، أخذًا بالاعتبار مواعيد الخطوات التي يمكن أن تقوم بها السّلطات.
كلّ ذلك لم يحصل حتى الآن، حسب معلوماتنا، ممّا يخلق بلبلة لدى الجمهور ويعكّر مسيرة النشاطات الاحتجاجية والنضالية وقد يقود إلى إخفاقها أو إلى ترك فراغاتٍ تتيح القيام بنشاطات فردية أو محلية أو عشوائيّة.
الأمر الثاني أنّ الهجمة السلطوية لا تقتصر على أوامر الهدم، ونوايا تنفيذها، وإنّما تشمل حملة واسعة صضدّ قرانا، ومنها تقديم المئات من خيرة مواطنينا للمحاكم وفرض غرامات صادمة عليهم. وكما أشرنا في وقت سابق، هنالك مخطّط لتقديم عشرات لوائح الاتهام ضد العشرات من أهالي المغار في الوقت القريب، تضاف إلى عشرات المحاكمات الجارية حاليًّا. هذه المحاكمات قد تنتهي بفرض غرامات خياليّة، تخرّب البيوت مادّيًّا، ومن المتوقّع أن تشمل أوامر هدم لكلّ البيوت التي بنيت بدون ترخيص. ولا شكّ في أنّ الهجمة ستسشمل جميع قرانا.
بناءً عليه، فإنَّ هذا الواقع يلزمنا بدراسة الموضوع من كلّ جوانبه، بالتشاور مع مهنيّين في مجالات تخطيط المدن والقانون والإعلام وغيرها من الميادين، لوضع ورقة عملٍ تفصيلية تشتقّ منها نشاطات وفعاليات ليس فقط لدفن أوامر الهدم الراهنة وإنّما أيضًا لمجابهة الهجمة الشاملة بعمل شامل، ولإيجاد حلولٍ جذرية لوسطنا تحول دون اضطرار أهلنا للقيام بمخالفات بناء.
الشعارات والخطابات النّاريّة قد تكون نافعة، لكنّها ليست كافية.
النشاطات العشوائية، بدون تجنيد الرأي العام والجمهور ووسائل الإعلام، قد تكون مفيدة ولكنّها قد لا تكون أكثر من "فشّة غُل" وإسقاط واجب.
المطلوب ليس فقط العمل المنظّم لإلغاء أوامر الهدم، وإنّما أيضًا وضع برنامج مهني، شامل، وتجنيد ذوي الخبرات من كلّ الأطياف بدون حسابات ضيّقة، بحيث نكون قادرين على استقطاب الجمهور الواسع والحلفاء (عربًا ويهود) ومجابهة السلطات وتغيير الوضع في هذا المجال بشكل جذري، بما في ذلك تجميد وإلغاء جميع لوائح الاتهام إلى حين يصادق على الخرائط الهيكلية والمخطّطات التفصيليّة.
ونحن على أتمّ الاستعداد للمساهمة، يدًا بيد مع الجميع وبدون استثناء، لنصرة أهلنا وإخراجنا جميعًا من هذه الأزمة المزمنة والمتفاقمة.
