جاءنا من الناطق الرسمي لاتّحاد الكرمل للأدباء الفلسطينيّين الشاعر علي هيبي: منذ أيّام ونحن نتابع باهتمام وقلق بالغ قضيّة صدور قرار النائب العامّ الفلسطينيّ بحظر ومصادرة رواية "جريمة في رام الله " للكاتب الفلسطينيّ عبّاد يحيى، وذلك بالحجّة الممجوجة والواهية "خدش الذوق العامّ والإخلال بالأخلاق العامّة والآداب والمسّ بالمواطن ولا سيّما الأطفال". لسنا بصدد نقاش مضمون الرواية، الأمر الذي قد نوافق عليه صاحبها الرأي وقد نخالفه، وهذا الأمر متروك للحوار الأدبيّ والنقديّ والفكريّ والعقلانيّ والشعبيّ، ولكلّ جهة أو دارس أو ناقد أو قارئ الحقّ في خوضه، ضمن الأصول الديمقراطيّة والحفاظ على الحريّات وعلى رأسها حريّة التعبير. ولكنّنا بالتأكيد بصدد حقّ المبدع والفنّان والكاتب كائنًا من كان أن يعبّر عن نفسه وآرائه ومواقفه في كتاباته وإبداعاته كما يريد، وليس كما يريد النائب العامّ أو أيّة جهة سلطويّة أخرى.
وقد بلغ الأمر في حالة هذه الرواية، أن استدعي عبّاد يحيى المؤلّف إلى التحقيق وإلى ضبط كافّة النسخ ومنعها من الانتشار عبر المكتبات، بل وصل الأمر أيضًا إلى تهديد الكاتب بالقتل والتحريض عليه، الأمر الذي يوصل إلى نفق مظلم وخطير، فإلى أيّ حضيض سنصل وطنيًّا وحضاريًّا وثقافيًّا في فلسطين الساعية نحو شمس الحريّة والاستقلال، وأعناق شعبنا الرازح تحت الاحتلال والكبت والظلم تشرئبّ نحو بناء الدولة ماديًّا ومعنويًّا، ثقافيًّا وحضاريًّا ووجدانه يصبو نحو الإشراق والإنتاج والإبداع.
نحن اتّحاد الكرمل للأدباء الفلسطينيّين وباسْم كافّة الأعضاء نطالب النائب العامّ المستشار أحمد برّاك وكافّة الجهات السلطويّة للتراجع عن هذه الخطوة التي تمسّ بالحريّات الإبداعيّة الكامنة في وجدان مبدعينا، وندعو إلى الكفّ عن ملاحقة الكاتب وروايته، لأنّ في ذلك مسًّا بالمكانة الحضاريّة والثقافيّة والإنسانيّة لفلسطين، والتي حقّقتها في المحافل الدوليّة والهيئات العالميّة خلال الأعوام القليلة الماضيّة بعد جهد جهيد. ونحن كذلك نثمّن عاليًا موقف دائرة الثقافة والإعلام التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينيّة التي وصفت قرار النائب العامّ بغير المبرّر ويمسّ بصورة خطيرة بحريّة التعبير والإبداع التي كفلها القانون ووثيقة الاستقلال، وندعو إلى وقف كافّة الإجراءات الجزائيّة بحقّ الكاتب والرواية.
وكذلك ندعو وزارة الثقافة الفلسطينيّة بالاهتمام وبمتابعة هذه القضيّة حتّى إنهائها على الوجه الوطنيّ والحضاريّ والإنسانيّ المطلوب، وندعو بشكل واضح الآن إلى رفع اليد السلطويّة القضائيّة أو غيرها عن الكاتب عبّاد يحيى وعن روايته "جريمة في رام الله" ووقف كلّ الممارسات الظالمة التي مورست حتّى الآن.
ليست الجريمة في تأليف رواية "جريمة في رام الله" بل إنّ الجريمة في ممارسة سياسة كمّ الأفواه ووأد حريّة التعبير بحجج واهية، قد تليق بدولة كالسعوديّة ونظامها البائد والظلاميّ ولا تليق بدولة كفلسطين ترزح تحت الاحتلال وتسعى إلى الحريّة والاستقلال والكرامة الوطنيّة. فمتى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمّهاتهم أحرارًا". لله درّك يا عمر.