استيقظت مبكرًا صباحَ اليوم، فطوال الليل كنْتُ أحلُمُ متى سوف أرى أبي في الصباحِ لأقولَ له عقبال الـ120 يا أبي الحبيب.
نزلْتُ مِن سريري بسرعة وأيقظْتُ إِخوتي، غسلْنَا وجوهنا وفركْنَا أسناننا وذهبْنَا جميعا ونحن نرتدي البيجامات إلى مكتب أبي الذي استيقظ قبلنا...
استغرب أبي عندما رآنا، كنا نقف جميعًا واحدًا خلف الآخر، وأيدينا خلف ظهورنا...
كانت مع كل واحد منا رسالة كتبها لأبي بمناسبة عيد ميلاده...
أنا لا أعرف الكتابة، لكن كانت معي رسالة.
ولا أعرف ما المكتوب فيها، فأختي سوار كتبتها لأبي. أنا قلت لها ماذا تكتب. طلبتُ منها أن تتمنى له أن يعيش أربعين عامًا، فَضَحِكَتْ وقالت لي: أبي اليوم أكبر من أربعين... واتفقنا على مائة وعشرين... مع أني لا أعرف أحدًا من آباء صديقاتي قد وصل إلى هذه السنّ...
كنت أعلم منذ الأمس أن اليوم هو عيد ميلاد أبي. ولم أخبره بذلك. أردت أن أفاجئه وأقول له كل عام وأنت بخير قبل أيّ إنسان آخر في العالم.
ورغم أن أبي يقول إنه ينسى كثيرًا لكنه لم ينسَ أي مرة أعياد ميلادنا. وهو يفاجئنا دائما بالهدايا الحلوة والكعك والتسالي والمشاوير حتى إذا كان مشغولا.
عندما رآنا أبي ترك الكرسيّ وأتى إلينا وقبّلنا جميعًا.
بعد العودة من الدوام سارَعْتُ إلى سيارة أمي وطلبت منها أن تريني الكعكة التي اشترتها لأبي. وعندما وصلنا إلى البيت كنتُ فرحة جدًّا. نفخت البالونات وعلقت الأشرطة الملونة والحبال الجميلة والأعلام التي بقيت من عيدي السابق، وأمي ساعدتني كثيرًا.
في المساء كنتُ سعيدة جدًّا وخصوصًا عندما قرع جرس الباب وفتحْتُه فكانت هناك صديقاتي. دون أنْ يعلمَ أبي، دَعَوْتُهُنَّ للاحتفال بعيد ميلاده. وعندما رآهن أبي ابتسم ابتسامة كبيرة.
عندما أضأنا الشموع طلبنا منه أن يطفئها، وقبل أن ينفخ على الشموع المشتعلة كُنْتُ أنا قد سَبَقْتُهُ في النفخِ وأطفأت كل الشموع، وكانت صديقاتي ينفخن معي ثم صفقت لي صديقاتي وصار أبي يصفِّق. نظرت حولي فظننت أنه عيدي أنا وليس عيد أبي. وكانت على وجه أبي ابتسامة كبيرة كبيرة، أكبر من الأولى. ربما أكبر ابتسامة شاهدتها في حياتي.