أبناء طائفتي الأعزاء، أبناء المجتمع الكرام:
تمر الطائفة الدرزية بأيام حرجه وحزينة اثر حادث القتل الاجرامي الإرهابي الذي وقع صباح أول أمس الجمعة في الحرم القدسي الشريف وراح ضحيته الشابين هايل عفيف ستاوي من قرية المغار وكميل شكيب شنان من قرية حرفيش واصابة الشاب نزيه قبلان من قرية بيت جن بجروح. ويخيم الحزن والاسى على أبناء الطائفة في جميع القرى والبلدان اثر رحيل شابين من خيرة شباب الطائفة الذين سعيا لكسب لقمة العيش وبناء مستقبل لهم ولابناء عائلاتهم إلا أن يد الغدر الجبانة طالتهم أثناء تأديتهم لواجبهم وخدمتهم الشرطية في حفظ الامن والأمان في الحرم القدسي الشريف مستغلة قدسية المكان وحرية العبادة. من الصعب إيجاد عبر أو مصطلحات يمكن أن تصف هول الجريمة النكراء ، فكيف يمكن أن يقتل إنسان في مكان لعبادة الله سبحانه وتعالى. مِن الصعب أن نتصور كيف يسمح شخص لنفسه متستراً بالدين أن يقتل نفسا خلقها الله وحرَّم قتلها في حرم مقدس. على المجتمع بأسره، قيادات وأفراد، نبذ واستنكار العملية الإرهابية بصريح العبارة دون تردد ودون تأتأة ودون ربط الجريمة بالوضع السياسي أو الأمني ومحاولة إيجاد تبريرات لها. على المجتمع أن ينبذ من داخله القتلة والمجرمين والإرهابيين وأن يرفضهم بوضوح.
نعي وندرك أن القتلة هم أعشاب ضارة في المجتمع العربي في البلاد وينتمون لقلة قليلة جداً لا تمثل بأي شكل من الاشكال توجه المجتمع بأسره الداعي الى السلام والعيش المشترك ولكي نقضي على الاعشاب الضارة علينا إخراجها من داخلنا وعدم إيوائها ونكرها، وإلا ستتكاثر هذه الأعشاب وتهدد المجتمع العربي بكامله في البلاد.
لقد وقع أثر الحادث الأليم في صميم كل إنسان يريد الحياة والسلام والوئام والعيش المشترك في البلاد بغض النظر عن انتمائه الطائفي أو السياسي أو العرقي وقد برز ذلك في الاف المشاركين في جنازتي الشابين من المسلمين واليهود والمسيحيين والدروز واتضح ذلك في وفود المعزين التي أتت الى قريتي المغار وحرفيش من شتى أنحاء البلاد يهودا وعربا وفي عشرات برقيات التعازي والاتصالات الهاتفية من النقب والمثلث والجليلين.
وهنا علينا جميعا عدم الانجرار والانزلاق وراء تبعيات العملية الإرهابية النكراء خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنيت وعدم اللعب على الوتر الطائفي والاصطياد في المياه العكرة مستغلين عواطف العائلات الثكلى. أبناء الطائفة الدرزية يخدمون وبكل اخلاص دولتهم ويحافظون عليها وعلى كل مواطن حر في البلاد نبذ الإرهاب وقلعه أينما كان.
ومن أجواء الحزن والاسى الذي تعيشه الطائفة الدرزية والمجتمع بأسره أدعو القادة ورؤساء الدول في المنطقة وخاصة القادة في البلاد وفي السلطة الفلسطينية, العمل بحكمةٍ ورزانة, لوضع حد لأعمال العنف والقتل والمصائب والويلات في هذه الديار, والجلوس معا لتحقيق السلام بين الشعبين ونبذ الكراهية والبغضاء بين سكان هذه الأرض المقدسة خاصة في هذه الأيام التي بات فيها ضيق الصدر والعصبية القبلية والتعصُّب الديني عناوين يتخذها البعض شعاراتٌ يعمل بها, عوضاً عن التسامُح والتآخي ومحبة الغير, والعطاء والبذل في سبيله, بُغية الوصول إلى حياةٍ شريفةٍ عزيزةٍ كريمةٍ .
وأتوجه مُتوسلاً للباري تعالى, ان يَمُنَّ علينا بالسلام المنشود في هذه الربوع المباركة, وان يتغمد فقيدينا الغاليين هايل وكميل بعطفه وحنانه ورحمته وأن يصبر ذويهما وعائلتهما وان يكونا آخر الشهداء في هذه الحرب المضنية البغيضة وأن تكون أرواحهما ثمنا للسلام في أرض الأنبياء والسلام.