البروفيسور ماجد الحاج، نائب رئيس جامعة حيفا وعميد البحث العلمي:
مشروع "الأكاديميون الصغار" هو حلم يتحقق نحو إعداد الجيل الجديد من الباحثين العرب
من مكتبه المطل على سفوح الكرمل الخضراء، فوق قمة الكرمل، في جامعة حيفا، في الطابق الحادي والعشرين، يراود البروفيسور ماجد الحاج هذه المرة حلمٌ مغايرٌ، يختلف، وإن كان مكمِّلا لنسيج أحلامه الأكاديمية العلمية التي تسعى إلى النهوض بمجتمعه، مع أنه كان في الماضي قد أطل على عالم الصغار من خلال مبادرات إبداعية متنوعة، إلا أنه هذه المرة يحمله في مشروع كبير اسمه "الأكاديميون الصغار".
خلال عامين عمل على بلورته، وإخراجه إلى النور، و"موعدنا مع هذا الحلم"، كما يقول الحاج، "قريب قريب".
بعدما كان أول عربي يصل إلى المراكز التي تسلمها بجدارة، وبكفاءات مثبتة في المجالات العلمية والبحثية على المستويين المحلي والعالمي، وصار عميدا للبحث العلمي في جامعة حيفا، يتولى مسؤولية الإشراف والدعم لقرابة ألف باحث يعملون في الأبحاث الجادة والهامة في الجامعة، كما يتولى مسؤولية دار النشر التابعة للجامعة، والإشراف على أكثر من 60 مركزًا ومعهدًا للبحث العلمي في الجامعة، ومن خلال مركزه وصل إلى إنجازات في مجال تطوير ميزانيات ومشاريع البحث العلمي لم يسبق لها مثيل في تاريخ الجامعة والتي تولّى منصب نائب الرئيس فيها، لأول مرة في البلاد، وقد تم انتخابه كرئيس لمنتدى نواب رؤساء الجامعات للبحث العلمي في البلاد وعمل أستاذًا زائرًا في الجامعات الهامة في أمريكا وكندا وأوروبا، وبعد وبعد... يعود البروفيسور ماجد الحاج إلى أطفالنا فلذات أكبادنا ويقول "إنهم هم الذين سوف يرسمون المستقبل الأكاديمي لمجتمعنا العربي في هذه البلاد، وبالتالي فكرت بان نبني لديهم الرؤيا العلمية السليمة، لأنني أومن بأنه يجب إعداد الباحث المتميز من المراحل المبكرة وأن الحياة الأكاديمية الناجحة تبدأ من الطفولة، فولد مشروع "الأكاديميون الصغار".
يحتضنه برفق وعناية، ويدرك أنه "أهم مفتاح لنا في سيرورتنا الحضارية".
عمل في حينه على إدخال عشرات المحاضرين العرب إلى الجامعات الإسرائيلية من خلال صندوق ماعوف الذي كان أحد المبادرين لإقامته حين كان عضوًا في مجلس التعليم العالي وهو يرأس حاليًا هذا الصندوق، ووضع خطة العمل للنضال من أجل فتح أبواب الجامعات الإسرائيلية للطلاب العرب وردم الهوة بين الوسطين اليهودي والعربي من خلال موقعه كرئيس للجنة تدعم التعليم العالي في الوسط العربي أقرّت توصياتها بالإجماع من قبل مجلس التعليم العالي، وعبر مشاريع أخرى، والآن، يرى أنه إلى جانب كل الانجازات التي يحققها محاضرونا وباحثونا آن الأوان لنعنى بأطفالنا الصغار من خلال وضع إستراتيجية لإعداد الجيل الجديد من الباحثين العرب.
والصغار ليسوا عالما جديدا يكتشفه البروفيسور الحاج، حيث كان قد احتضن هذا العالم في حينه من خلال عمله في جمعيات متعددة اهتمت بموضوع تنمية المهارات الإبداعية في عقول ونفوس طلابنا الصغار، لكن هذه المرة، مشروع "الأكاديميون الصغار"، كما يقول البروفيسور ماجد الحاج، نائب رئيس جامعة حيفا وعميد البحث العلمي فيها، "يتمحور في خلق الباحثين منذ مرحلة الطفولة، حيث نأخذ بيدهم ونصحبهم في بلورة هويتهم العلمية الناضجة والجادة والصحيحة، إذ يزورون الجامعات، ويتعلمون المساقات، ويتعرفون على أدوات البحث العلمي وطرق العمل التي يتبعها الباحثون، بحيث يكون لدينا منذ مرحلة الطفولة باحثون، بكل معنى الكلمة".
ويتابع الحاج: "أطلقنا على المشروع اسم "الأكاديميون الصغار" لأننا نريد تخمير هذه العجينة منذ الصغر، بحيث يصل هؤلاء إلى الجامعات ويدخلونها من أوسع أبواب البحث العلمي، بتفوق وتميز، لأنه لا بد للعربي ان يتميز لكي يفرض بصمته المميزة في هذه البلاد".
ويردف: "طوال العامين الماضيين عكفنا على إعداد مشروع "الأكاديميون الصغار" من خلال التعاون مع كوكبة من المحاضرين والباحثين ذوي الأسماء اللامعة ومنهم البروفيسور عليان القريناوي والدكتور نهاد علي والدكتور أيمن إغبارية والدكتور غازي يحيى وغيرهم، والذين قاموا بتأسيس "المركز الأكاديمي للتنمية البشرية"، ليكون دفيئة لهذا المشروع ولمشاريع أخرى بهدف المساهمة في بناء نخبة من الجيل الذي سيرفع أركان المجتمع العربي ويدعمها نهوضا بالكفاءات البشرية والإنسانية والحضارية".
ويؤكد الحاج: "يتكون مشروع "الأكاديميون الصغار" من 140 ساعة تعطى لنخبة مميزة من طلاب صفوف الخامس والسادس في أربع دورات متكاملة تشمل كل واحدة 15 لقاء في مواضيع التفكير الرياضي، التفكير الكلامي الناقد، الكتابة الإبداعية، وورشة للأبحاث وكتابة الورقة العلمية، علاوة على الفعاليات التعليمية في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية المختلفة. كما سنقوم بمرافقة هؤلاء الطلاب بعد انتهاء السنة الأولى للمشروع من خلال إنشاء "منتدى الباحثين الصغار" ".
يذكر ان البروفيسور ماجد الحاج، نائب رئيس جامعة حيفا وعميد البحث العلمي فيها، يشرف على المشروع بالتعاون مع نخبة من الباحثين والأكاديميين بالإضافة إلى هيئة استشارية تشمل ممثلي وزارة التربية والتعليم ونخبة من مديري المدارس ومديري أقسام المعارف ورؤساء السلطات المحلية ولجان أولياء الأمور.
يشار إلى ان يوما دراسيا سوف يعقد في 2009/11/12 في مدينة شفاعمرو، وبحضور مئات المثقفين والأكاديميين والشخصيات الجماهيرية المختلفة للإعلان عن انطلاق الحلم، انطلاق مشروع "الأكاديميون الصغار