شن اليمين الإسرائيلي الحاكم هجمة شرسة على غانتس، قائلا إنه "صمت دهرا ونطق كُفرا". وقال حزب "الليكود" الحاكم إن "الجميع بات يعرف المفروغ منه، أن غانتس هو يساري". أما عضو الكنيست من الحزب آفي ديختر، الذي بادر إلى سن "قانون القومية" المثير للجدل، فقال "سحابة الجندي الدرزي مدحت يوسف، الذي قتل قرب نابلس، ما زالت تحوم فوق رأس غانتس، الذي كان قائدا للضفة الغربية حينها".
وحوصر يوسف عند اندلاع الانتفاضة الثانية في العام 2000، من قبل فلسطينيين في "قبر يوسف"، ليطلب النجدة من الجيش الإسرائيلي، لكنه قُتل قبل وصولها. ويرمز هذا الحادث في إسرائيل، إلى "إخفاق وفشل" شديدين في الجيش.
استشهد المرحوم مدحت يوسف ابن قرية بيت جن اثناء تأدية خدمته العسكرية كجندي في حرس الحدود في قبر يوسف في نابلس يوم الاحد 1.10.2000 و عمره 19 ربيعا .
حيثيات وظروف وفاة مدحت اثارت ضجه اعلاميه وشعبيه واسعه في ذلك الحين، فمدحت اصيب بعيار ناري في عنقه وظل ينزف دما لأكثر من اربع ساعات حتى لفظ انفاسه الأخيرة ،وكل ذلك بسبب امتناع الجيش الاسرائيلي عن انقاذه لحجج واهيه .
الحادث الاليم وقع في اليوم الثالث من نشوب الانتفاضة الثانية حيث كانت المناطق الفلسطينية تشهد اضطرابات واعمال شغب تخللها تبادل نيران بين مسلحين فلسطينيين وبين قوات جيش الدفاع وحرس الحدود .
وقد كانت قوه عسكريه إسرائيلية تضم 12 جندي تتمركز في قبر يوسف في نابلس، وقد اخذت هذه القوه تتعرض لأطلاق نار كثيف ورد الجنود الاسرائيليين بالمثل.
وخلال تبادل اطلاق النيران اصيب مدحت يوسف برصاصه غادره اخترقت عنقه وسببت له نزيف متواصل ،وابلغ المسؤولون بان وضعه الصحي يحتاج الى اخلاء سريع الى اقرب مستشفى .
منذ هذه اللحظة بدأت القيادة الإسرائيلية بالتنسيق مع القيادة السياسية ، بالتشاور حول الطريقة المناسبة والاسرع للوصول الى الجريح مدحت يوسف .
هذا وكان امامهم امكانيتين او خيارين رئيسيين : الخيار الاول هو الاستعانة بقوات الامن الفلسطينية لتتولى مهمة انقاذ مدحت، اما الخيار الثاني فكان اقتحام عسكري للموقع وفقا لخطه عسكريه تم بلورتها لحالات كهذه وعرفت باسم "כתונת פסים".
اوصى قائد الاركان العام شاؤول موفاز لتنفيذ عملية انقاذ الجندي الدرزي مدحت يوسف وذلك باعتماد كلي على جبريل الرجوب، والامتناع عن ادخال قوات امن اسرائيلية لتنفيذ عملية الانقاذ، براك اعتمد على قوات الامن الفلسطينية والتي لم تصل الى المكان الا بعد ان فقد المرحوم كمية كبيرة من دمه، كل ذلك وعلى الرغم من تواجد قوة كبيرة من الجيش الاسرائيلي على بعد اقل من 100 متر من المكان في تل الراس وقد تواجد هناك كل من الضباط الكبار يوسي اديري، بيني جانتس، يتسحاك ايتان، ولكنهم لم يحركوا ساكنا على الرغم من مرور اكثر من 4 ساعات ودم مدحت ينزف في قبر يوسف.
في حوالي الساعة التاسعة والنصف مساءا تم نقل جثة مدحت يوسف، بواسطة قوات الامن الفلسطينية وتم تحويله الى القوات الاسرائيلية، وفي هذه الساعة تلقت عائلة يوسف نبا الوفاة.
القيادة العسكرية التي تواجدت في موقع تل الرأس على بعد 800 متر فقط من قبر يوسف ، اعتقدت ان عملية عسكرية تتطلب احتلال نابلس بأكملها ، ولذلك فأنها ستستغرق وقتا طويلا وعندها سيكون مدحت يوسف قد فارق الحياه . بينما الخيار الثاني وهو الاعتماد على الفلسطينيين لإنقاذ مدحت، هو الاسرع والافضل في الظروف الموجودة . وفعلا شرع المستوى السياسي بإجراء اتصالات مع مسؤولين فلسطينيين بينهم جبريل رجوب والحاج اسماعيل وآخرين الذين وعدوا بتقديم كافة المساعدات وتولي المهمة لإنقاذ الجندي الجريح .
لكن في نهاية الامر تقاعست قوات الامن الفلسطينية في تنفيذ المهمة بادعاء ان الجماهير الغاضبة احاطت بالمكان وحالت دون وصول سيارة الاسعاف الفلسطينية في الوقت المناسب . وفي هذه الاثناء كان مدحت قد لفظ انفاسه الأخيرة بعد مرور اربع ساعات ونصف من اصابته .
انتقادات حاده وأسئلة عديده طرحت في هذه القضية :
_لماذا لم يتم تنفيذ خطة لإنقاذ الجندي وهل كون الجندي الجريح هو درزي ، له تأثير على تسلسل الاحداث واتخاذ القرارات ؟
_هل كون الحكومة الإسرائيلية آنذاك بأيدي حزب العمل برئاسة إيهود براك ، لها تأثير في اختيار الخيار السياسي في الاعتماد على قوات الامن الفلسطينية؟
يجب ان نتذكر ان في ذلك الفترة كانت الحكومة برئاسة ايهود براك ووزير الدفاع كان شاؤول موفاز ورئيس اركان الجيش كان موشيه يعلون وهم من اتخذ قرار اهمال والتضحية بدم الجندي الدرزي بضغط من اليمين والمستوطنين حيث رفضوا اخلاء قبر يوسف في تلك الفترة واندلاع الانتفاضة.
ومن السخرية بمكان أن آفي دختر هو اخر شخص يحق له الانتقاد كونه معروف بميوله اليمينية المتطرفة لتحضيره الى هذه الدنيا قانون القومية العنصري الذي احتفل اليمين به وبينهم بنيامين نتانياهو ،بينت وكحلون وشاكيد بتشريعه.