موقع سبيل
ها إنكم أسْرجتم السُرُج لإنارة الدروب في عالم يسير على غير هدىً، لتعاظـُم القضايا والمعضلات فيه، ولانهيار الأخلاقِ في مواقعَ، وخـَرابِ الضمير في مواقعَ أخرى، ولانحراف الثقافة عن مسارها الصحيح حيث أخذت تـَهـُّدُ صروح القيم وتعبث فيها".
بهذه الكلمات شكر مؤلف "الخيار الأسمى ومشاهد حياتية"، الأديب والباحث الأردني حنا ميخائيل سلامة نعمان، أعلام الفكر وسادة القول ورواد الخير، الذين تحدثوا بمناسبة إشهار كتابه، وذلك في الحفل الذي أقيم في مركز الحسين الثقافي التابع لأمانة عمان الكبرى في عمان، برعاية الأديب الشاعر سليمان المشيني، مدير إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية الأسبق ومن مؤسسي الإذاعة والتلفزيون وجريدة الرأي الأردنية، وبحضور نخبة من علماء الدين والمثقفين والمهتمين بشؤون الأدب والفكر.
وجاء في كلمة العلامة الدكتور عودة الله منيع القيسي، أستاذ الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم، أن الحضارة التي تصمد هي الحضارة الإنسانية والأخلاقية، وأن مؤلف الكتاب يرى أن الأشياء يجب أن تكون إنسانية وأخلاقية، لأنه كاتب إنساني أخلاقيّ. مضيفاً إلى أن الكِتـَاب يدعو إلى المثل العليا، ورفع لواء المحبة والإخاء والتسامح، في عالم تـَتَسِّع فيه المسافة بين القول والعمل، مشيداً بجهود الكاتب وتمكنه من تقديم عمل بخدم حاضر الأمة ومستقبلها ومؤكداً حاجة المكتبة العربية على صنو هذا الكتاب في هذه المرحلة.
ثم تلاه الدكتور خالد الجبر، أستاذ النقد والبيان في جامعة البتراء، بكلمة مُنبِّـهاً إلى قيمة الكتاب، الذي جمع بين دفتيه حكماء وفلاسفة الشرق والغرب، الذين دَعَوا إلى تسييد العقل وفعل الخير وطرح الأنا. مضيفاً إلى أنَّ الباحث حنا ميخائيل سلامة يـُعلـِّق الجرس دائماً حين يكتب، وهو يحمل قلباً رحباً وعيناً تفيض بالحب إلى بلاده، وأن تسمية الكتاب تدلُّ على مثالية.
ثم تلاه فضيلة الشيخ مصطفى أبو رمان، إمام وخطيب مسجد صهيب بن سنان في عمان، الذي أشار إلى أن الكتاب زهرٌ وألوان سـُقي بماء المحبة، وأن المؤلف جمع في الكتاب الرحمة والمحبة والمودة، وأنه اختار من الماضي خبرات ومخزون الحكم وفـَرَشـَها في صفحات كتابه. وأضاف فضيلته إلى الإخاء الإسلامي المسيحي الذي يتجلى في أبدع صوره في الأردن، والذي يشكل أنموذجاً يـُحتذى للعالم أجمع.
وأشار الأب الدكتور حنا كلداني، أستاذ اللاهوت والتاريخ والفلسفة، إلى أن الكاتب جوستين "يأخذ بيد القارئ ليتأمل في كنوز حكمة الإنسانية ليستنبطها فكراً ومواقف كبرى ويحصدها ممارسة وشواهد يومية"، وهذا ما فعله مؤلف الخيار الأسمى، الذي يدعو إلى احترام لحياة البشرية ومحبتها وخدمتها، معتبراً الكتاب "فعلُ محبةٍ"، واقتبس قدس الأب إحدى الحِكم الواردة في الكتاب: "البغض خنجرٌ مسمومٌ تحت الأثواب"، وعلى شعوبِ العالم أن تنزع عنها أثواب الكراهية والبغضاء.
وشدد المفكر والباحث منصور باشا أبو راشد في كلمته إلى أهمية أن تتحول ثقافة العصر إلى ثقافةٍ تشجع السلام والحوار وفتح النوافذ الثقافية بين الأمم على النحو الذي فعله الكاتب، وقد خاطب الحضور قائلاً: تعالوا نعمل من أجل حياةٍ أفضل لأبنائنا ليعيشوا في عالم لا حروب فيه ولا كراهية، ولنتحد جميعاً من أجل السلام والتعايش.
وفي كلمةٍ قصيرة للكاتب علي القيسي، أشار إلى روح المؤلف التواقة للحق والعدل والسلام، وهذا تجسد في طيات الكتاب.
وجاء في كلمة راعي الحفل الأديب الشاعر سليمان المشيني، أن الخيار الأسمى من الكتب التي تضيء كالمصباح في هذه الفترة، لأنه يسمو بالإنسان عن الأهواء التي تستعبده والأهداف المادية التي تجتذبه، مضيفاً إلى أن الله تعالى قد أبدع الكون رائعته الكبرى بالكلمة، وأن الكلمة عتاد الإنسان، ومن هنا فمن الأهمية بمكان أن تتحول ثقافة العصر إلى ثقافة ترتقي بالنفس البشرية وتـُنمِّي الروح الإنسانية.
وأختتم الحفل الذي أداره الدكتور عبد طالب الزاهري الحجايا بكلمة المؤلف، التي جاء فيها: "ستبقى ذكريات هذه العـَشيـَّـة الشذيـَّة تـَرُّفُ فوق سماء عمان، أمِّ العروبةِ وقلبِ الشرقِ العظيم، لأن لقاءَنا تجاوَز الصورةَ التقليديةَ لتوقيعِ كتابٍ، فكانَ وكما أردناهُ، شهادة َ كلمةٍ موجهةٍ إلى العالمِ بأسْرِهِ، عن صورة المحبةِ والأخوَّةِ والتعاضدِ ونوايا الخير، التي تجمعُ أبناء الأردن بصرف النظر عن عَقيدتهم أو أصْلهم أو جنسهم أو ثقافتهم. وهي شهادةٌ أيضاً أن لا مكانَ بيننا في أردنِّ الكرامة والمجد لدُعاة التـَفـَرُّقِ والتنازعِ والتناحُرِ.. فمسيرةُ البناءِ والنماءِ مُستمرة بفضلِ قيادةٍ هاشميةٍ مُلهمةٍ حَكيمةٍ تاريخيه".
ثم قام المؤلف بتوقيع الكتاب وتوزيعه على سائر الحضور في جوٍّ من الألفة والمحبة والأخوَّة.