لندع هذه المقالة تسير عبر محورين ، ولنبدأ المحور الأول بطرح السؤال : لماذا تقوم كل سنة ضجة إثر الإعلان عن الفائزين بجائزة الإبداع ؟! .
لا أملك إجابة محددة ، لكنني أعتقد أن عدم ثقة الأدباء بمصداقية اختيار الفائزين او بعضهم هي السبب الرئيس في حدوث هذه الضجة . وهذا يحفزني على طرح المزيد من الأسئلة دون خشية ان يظن ظان بأنني أمهد لنفسي في سبيل الجائزة وقد حصلت عليها في العام ألفين .
والسؤال الآن : هل ستمنح الجائزة لمستحقيها من الأدباء والفنانين والباحثين ، أم سنشهد كالعادة حالة من التذمر كما في كل عام ؟ ! .
ربما من المنطق أن لا نستبق الأحداث ، فقد يحصل من التغيير الجذري في عملية توزيع الجوائز ما يستوجب الشكر والتقدير، بحيث تقيّم الأعمال الأدبية والفنية على أساس القدرات والكفاءات ، وتكون مرفقة بتقارير مدوّنة مفصلة تبيّن بوضوح لماذا تم اختيار هذا وذاك ، ومن هو أو هم الذين قرروا ، وماذا يحملون من مؤهلا ت تمنحهم مصداقية الحكم على الأدب والفن .
وإلا ستبرز علامة سؤال كبيرة ، حتى لو كان من يقرر شخصية معروفة ، أو زعيم مؤسسة ،او من الوزراء .
أتوقع هذه المرة أن تحدث مفاجآت سارة وأخرى ضارة : مبدعون استحقوا الجائزة من زمان ، ويسرنا أن يكونوا في قائمة الفائزين . أما الضار والمرفوض أعمال لم ترق بعد الى مستوى الجائزة، لا أستبعد أن يزج بعضها في القائمة ! . وفي هذه الحالة سأكون كناقد أول من أشرع قلمي للنقاش ..
لا ضير في هذه المناسبة أن نستغرب عدم الإعلان عن أسماء لجنة التحكيم فور الإعلان عن أسماء الفائزين ، كما كان يحصل سابقا ؟ .
أظن والله أعلم أن لا وجود للجنة تحكيم اليوم ، وإلا ما المانع أن نعرف أسماء هؤلاء السادة ، على الأقل كنا سنتوجه إليهم بسؤال او استفسار يتعلق بالجائزة ، كما كان يحصل في سنوات ماضية ، هاتفيا او كتابة او عبر الإذاعة برنامج كان يديره الأستاذ نايف خوري . كانوا يجيبون ويقدمون تبريرات معقولة إزاء هذا الأديب أو ذاك ، لماذا أعطي الجائزة ، وكيف تم ذلك . أمّا اليوم فلا نعرف من نسأل ولمن نتوجه ، علينا ان نقدر ونخمن بأنفسنا ، أو نتقبل الوضع كما هو ونصمت ! ربما هذا هو المطلوب .
المحور الثاني يتعلق بالقيمة المادية للجائزة . من المفترض أن توزع الجوائز ماديا بالتساوي بين الفائزين ، هكذا يقتضي المنطق . لكن ما حدث في الجائزة السابقة يثير الإستغراب ، فما معنى أن يحصل أحد الأدباء على مبلغ معيّن ، ويحصل الآخر على ضعف هذا المبلغ أو أكثر ، وما معنى أن تقوم آنسة أو سيدة لا أذكر ، بإرجاع ما حصلت عليه احتجاجا على ضآلة قيمته المادية بالمقارنة مع غيرها ممن حصلوا على الجائزة .
لا أعرف مدى صحة هذه المعلومات ، لكنه حديث شاع في حينه " ولا دخان بدون نار " كما يقول مثلنا الشعبي .
والسؤال على أي أساس توضع معايير الفوارق والمفاضلة ؟ .
مهما تكن هذه المعايير فهي ليست حالة صحية ، إنها تذكرنا الى حد ما بأحكام " قراقوش " المستهجنة ! أليس كذلك .
النقطة الأخيرة تتلخص بما يلي : أمام الأوضاع الإقتصادية الصعبة وغلاء المعيشة المتصاعد ،من الإجحاف أن تظل القيمة المادية للجائزة كما كانت عليه منذ عقد من الزمن . لذلك يحق لنا كمواطنين في هذه الديار أن نطالب برفع قيمة الجائزة الى مائة ألف شاقل لكل فائز ، وبذلك لا نكون اسرفنا في مطلبنا ، خاصة ونحن نعلم أن أموالا طائلة من ميزانية الدولة تغدق في الوسط اليهودي ، على الأدب والبحث والترجمات وغيرها . وقد ذكرت ــ سابقا ــ مجلة بريطانية أن ما نسبته 2 في المائة من ميزانية الدولة اليهودية مخصص للشؤون الثقافية ، وهذه نسبة عالية جدا . فكم حصة العرب من هذه الأموال ؟ .
نور عامر : الجليل