من ايجابيات الأحداث المزعجة تطرح فيها آراء ومجادلات بمختلف ألوانها ، ان الناس تعلم المفسد من المصلح .
لشديد اسفنا ان يتعرض الشيخ الجليل موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية – عبر بعض المواقع الإلكترونية المحلية – الى تهجمات كثيرة مرفوضة اقل ما يقال فيها انها زلات السّن ، حتى وان صدرت عن قصد وغاية . وقد نهى العلماء الافاضل عن آفات اللسان بوصفها من المنكرات ، كما نهى الحديث الشريف عن الجهر بالسوء : " لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا ما ظلم وكان الله سميعا عليما " .
ان السبب في هذه التهجمات الرخيصة ضد شيخنا المحترم انه وقف موقفا شجاعا وحكيما ، عارض ببيان عممه على الناس ، قيام فتيات درزيات بالتطوع للخدمة الوطنية .
أليس من واجبه الديني الاخلاقي السياسي ان يتخذ هذا الموقف المشرف . واني لأعجب من آراء ظهرت في إطار التعليقات مفادها : ان الشيخ طريف كرجل دين لا دخل له بالسياسة ! .
من أين جئتم بهذه الفتوى ؟! .
أجل على رجل الدين ان يتفرغ للدين في الظروف العادية ، اما في الاحداث الحرجة فتنبت مفارقات ، وتحصل مفاجآت لا تثريب عليها ان كانت في صالح المجتمع .
ألم يتدخل شيوخ جبل العرب في الحرب ضد الاستعمار الفرنسي ، ابان الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان الاطرش . ألم يحملوا البيارق والسلاح في خضم المعارك ويقاتلوا قتال الابطال في سبيل الذود عن حماهم وكرامتهم . الى ان قال فيهم الشاعر "وان حم القضاء فكل شيخ بيرق " .
أليست هذه الحرب سياسة .
والشيوخ في الجولان الأبي قد خاضوا نضالا طويلا وساروا في المظاهرات ضد فرض الهوية الإسرائيلية ، ومنهم من زج في السجون عقابا لموقفهم الوطني الشجاع .
أليس فرض الهويات سياسة .
وفي معركة "الزابود" في بيت جن هل وقف الشيوخ جانبا وهم يرون أرضهم مهددة بالمصادرة .
أليست مصادرة الأرض سياسة .
ولنا كذلك عبرة سياسية اجتماعية في أبي ذر الغفاري (ر) : " عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج الى الناس شاهرا سيفة " .
هل تريدون لرجل الدين ان يقف موقف المتفرج حيال القضايا الملحة ، كالقضية التي نحن في صلبها ، التطوع للخدمة الوطنية . وهي قضية اجتماعية سياسية قد تتمخض مستقبلا عن مضاعفات لا نرضاها ، كأن يفرض التجنيد الإلزامي على الفتيات الدرزيات ، كما فرض من قبل على الشبان الدروز . قد يحدث هذا وقد لا يحدث .
لكن من الصائب والمنطق معالجة المشكلة الآن وسريعا . من المفترض بل من الضروري موقف صارم وواضح من جميع ابناء الطائفة المعروفية لإيقاف هذه الظاهرة المقلقة والتي تسيئ الى سمعتنا وتقاليدنا وكرامتنا .