بقلم: زياد شليوط - شفاعمرو
كثيرون يبحثون ويتساءلون عن شخصية العام مع نهاية كل عام، وتنشغل الصحافة ووسائل الاعلام الأخرى بالبحث والمراجعة لاختيار شخصية العام. ولم أشغل نفسي من قبل ولا اليوم بهذه "اللعبة"، لأنه تكاد تنعدم المقاييس أو النظرة الموضوعية في اختيار شخصية العام؟ ألا يختار كل شخص أو كل اعلامي هذه الشخصية أو تلك بناء على نظرته الخاصة؟
ولهذا "بصرت ونجمت كثيرا" على رأي الشاعر نزار قباني والمطرب عبد الحليم، فلم أجد شخصا يستحق أن يكون شخصية العام المنصرم، وإن وجد أحدهم شخصا كهذا فهذا شأنه ولا اعتراض على ذلك عندي.
لكن لو فتشنا بعد التبصير والتنجيم لما وجدنا شخصية أهم وأكثر تأثيرا وفاعلية على مدار العام المنصرم 2009 من "العنف". نعم، العنف هو الشخصية الأكثر حضورا في العام الأخير. ومن خلال المقابلات والحوارات الاذاعية العديدة التي سمح لي الوقت بالاستماع اليها في موضوع العنف، أو من خلال الأحاديث الصحفية أو في الاجتماعات والندوات، سمعت عبارة تكررت كثيرا ومللت منها من كثرة تردادها بشكل آلي، دون طرح مواجهة عملية لها بأن "العنف يستشري ويستفحل في مجتمعنا". اذن العنف يسيطر سيطرة شبه تامة على مجتمعنا، ودخل بيوتنا دون استئذان، ويكاد لا يوجد طرف أو بلدة أو عائلة أو فرد لم يتأثر أو لم يطاله العنف بشكل أو بآخر، خلال العام المنصرم.
لا حاجة لتذكيركم بحوادث العنف التي وقعت هذا العام، وهي أكثر من أن تحصى. لا حاجة لايراد الاحصائيات أو تسجيل البلدات التي شهدت أعمال عنف طوال العام المنصرم. أعمال قتل وعنف داخل العائلة، أعمال قتل وضرب بين فئات الشباب. أعمال قتل وضرب وتحطيم وتكسير بين العائلات والأفراد. سرقة واعتداء وتنكيل وتخريب في الممتلكات الشخصية والعامة. اعتداءات على المعلمين والمحامين والأطباء ورؤساء السلطات المحلية، وآخر تلك الاعتداءات الذي وقع على منزل رئيس بلدية الناصرة، رامز جرايسي، ونأمل أن يكون فعلا آخر زائر عنيف، لكن من يضمن ألا تقع كل يوم، بل كل ساعة أعمالا مشابهة؟! وهكذا نرى بالدليل الملموس أن العنف كان رفيقنا على مدار أيام السنة، لم يمر يوم دون حادث عنف. العنف غير حياتنا وأحدث انقلابا في علاقاتنا وعاداتنا، بات يسيطر على تفكيرنا ويقض مضاجعنا، فكيف لا يستحق لقب "شخصية العام"، ولما كان العنف ملازما لنا طوال هذا العام حصرا فانه يستحق لقب "شخصية عام 2009" بلا منافس.
ولم يبق لنا إلا أن نهنيء العنف على هذا الانجاز الكبير، مع تمنياتنا بألا يتكرر فوزه بهذا اللقب، وأن يكتفي بعام 2009، ويدع مجالا لشخصيات أخرى تنافسه على اللقب في العام القادم.