حذّرت كلّ من وزارة الداخلية ووزارة حماية البيئة ووزارة الصحة الجمهور من القدوم الى شواطئ البلاد للسباحة في البحر أو ممارسة الرياضة والاستجمام على الشواطئ حتى إشعار آخر، وذلك بسبب تلوّث البحر الأبيض المتوسط وشواطئه بالزفت والقطران، من رأس الناقورة شمالا حتى أشكلون جنوبًا.
وأشارت الوزارات المذكورة الى أنّ التعرض للزفت قد يضرّ بصحة الجمهور، مؤكدة أنها تتابع الموضوع عن كثب وستقوم بإبلاغ الجمهور حول المستجدات بهذا الشأن، كلما دعت الحاجة.
من غير الواضح كيف وصلت هذه الكمية الهائلة من الزفت إلى شواطئ البلاد
وكانت تغطّت جميع شواطئ البلاد، تقريبًا، بكتل الزفت والقطران الصلبة والسائلة، نهاية الأسبوع الماضي، وذلك نتيجة تسرب وقود بكميات كبيرة، على ما يبدو، من سفينة كانت قبل أسبوع على بعد حوالي 50 كم غرب مدينة عسقلان (أشكلون). ولكن حتى الآن، لا يُعرف بالضبط مصدر التسريب، ومن غير الواضح كيف وصلت هذه الكمية الهائلة من الزفت إلى شواطئ البلاد دون أن يتنبّه إليها أحد من المسؤولين.
ورغم أنّ وزارة حماية البيئة قد أعلنت عن تمكنها من السيطرة على تلوث الشواطئ، بعد أن جرت محاولات لتنظيف الزفت من الشواطئ، ولكن من المتوقع أن يستغرق هذا الأمر وقتًا طويلا، ذلك أنه ليس من السهل التعامل مع الكارثة الإيكولوجية التي تسببت أيضا بأضرار كبيرة للكائنات البحرية.
أضرار كبيرة
وقد تضرر حتى الآن نحو 160-170 كم من الشواطئ، من رأس الناقورة شمالا وحتى عسقلان جنوبًا. وهناك تفاوت في التلوث بين شاطئ وآخر، حيث إنّ درجة التلوث في بعض الشواطئ الشمالية كانت أكبر من غيرها، ومنها شاطئ جسر الزرقاء وقيساريا.
وفي حديث لموقع "واينت" العبري حول الموضوع، مع البروفيسور كولين برايس، المختص في دراسات البيئة وعلوم الكرة الأرضية في جامعة تل أبيب، شرح كيف وصلت هذه الكميات الكبيرة من الزفت الى شواطئ البلاد، فقال إن "المسبب اصطناعي، وقد صل من سفينة مرت قرب الشواطئ، ويبدو أن أحوال الطقس كان لها تأثير، فالعواصف وأمواج البحر وقوة الرياح دفعت هذه الملوثات باتجاه شاطئ البحر".
وقال البروفيسور جيتاي ياهيل من كلية علوم البحار في المركز الأكاديمي روبين: "عندما يصل الزفت الى الشاطئ فهذه كارثة جديّة ومن الصعب معالجتها".
ويُظهر فحص وزارة حماية البيئة احتمال مرور 10 سفن، على الأقل، في الزمان والمكان الملائمين لتكوّن بقعة الزيت التي شوهدت بواسطة قمر صناعي خارج المياه الإقليمية الإسرائيلية.
اتهامات
وهناك من يتّهم وزارة حماية البيئة بالتقصير، كونها هي المسؤولة عن هذا الموضوع، حيث توجد لديها وحدات لمنع تلوث البحر ولديها سفن متخصصة وميزانيات كبيرة، ومن الغريب حدوث ذلك ووصوله الى الشاطئ دون أن يتم معالجته في الوقت المناسب.
وعلم أنّ رجال الوحدة القطرية لحماية البيئة البحرية أجروا تمرينًا في شهر حزيران 2020 حاكوا خلاله بقعة زيت كبيرة تقترب من شواطئ البلاد تكوّنت خارج المياه الإقليمية. وقالت حينها وزيرة حماية البيئة، جيلا جمليئيل، "يجب على إسرائيل دراسة نتائج الكوارث البيئية التي حدثت في العالم، ومن بينها تلوث البحر بالزيت في خليج المكسيك سنة 2010. وتأتي الحاجة للحفاظ على البيئة البحرية على ضوء الاعتماد على البحر كمصدر لمياه الشرب"، علمًا أنّه لم تتأثر، حاليًا، محطات تحلية المياه وشركة الكهرباء بالتلوث على طول الشواطئ.
ويعزو الخبراء مسألة وصول كميات ضخمة من الزفت الى شواطئ البلاد، دون أن يحدد مكانها أحد قبل ذلك، الى أن السفينة لم تبلغ عن تسرّب الكميات الضخمة منها، كما أنّه لا يوجد رصد دائم لما يحدث في عشرات الكيلومترات من الشواطئ، هذا رغم أنّ التلوث يستغرق ساعات، بل أيام حتى يصل الى الشاطئ.
ولا يستبعد البروفيسور جيتاي ياهيل، احتمال أن يكون جاء هذا التسرب من خط أنابيب "فإذا تبين أن هذا خط أنابيب قديم كان ممدودًا في قاع البحر، فإن مثل هذه الأنابيب الطويلة يمكن أن تحتوي على الكثير من النفط".
سنوات!!
أما بالنسبة للوقت الذي قد يستغرقه تنظيف الشواطئ، فيقول المختصون يمكن أن يستغرق ذلك عدّة أشهر وحتى سنوات، خاصة وأنّ التلوثات غير البارزة للعيان تدخل تحت الصخور وحتى داخل البحر. وتقدّر تكلفة التنظيفات، بما فيها شحن النفايات ومعالجتها، بنحو 10 ملايين شيكل.
وأشار البروفيسور كولين برايس، الى إنّ هذا التلوث خطير جدًا، إذ يمنع حركة جزء من العصافير والأسماك، مؤكدًا أنه سوف تعاني النظم الإيكولوجية على طول الشواطئ من هذا التلوث، وكذلك اليابسة والرمال والأماكن التي يوجد فيها حيوانات ونباتات، وكذلك منطقة الشاطئ في الأماكن التي توجد فيها برك، أسماك وسرطانات البحر.
وذكر أنّه من السابق لأوانه معرفة الضرر الحقيقي الذي أصاب البيئة في الشواطئ، مشيرًا الى صعوبة تنظيف الزفت لأنه يلتصق بكل شيء، كما أنه يحتوي على مادة تخنق الكائنات الحية، كما يحتوي على مواد سامة ومواد مسرطنة أيضًا، قد تتسبّب في أضرار على مدى عشرات السنين.