سَقط الجرحُ وصارَ الدمّ مدادًا للأقلامِ
وأنا أحمِلُ أقلامي, أكتُبُ ماضينا بالدمعِ
وأوقظُ شفةَ المستقبلِ حينَ تنام...
وأنامُ وراءَ الشفةِ المبتورةِ حُزنًا
أبكي جَهرًا حينَ توضّبني الأحلام
وأنامُ على صوتِ البارودِ مساءً
كي أستيقِظَ في الصبحِ أسيرًا وأنام...
***
أكتُبُ بالقَلمِ المُتعَبِ أحلامي
أتعثّرُ بالأملِ الماضي في دربي
وأعُدُّ ثواني هذا العُمرِ الغاضِب...
يا تَعَبي, لا تُنكِرني
إني أمشي بينَ مراياكَ كأني
سَفَرٌ يقتصّ تضاريسَ الأحلام
***
أكتُبُ بالخوفِ كلَّ مساءٍ
علّ الخَوفَ النابت كالعشبِ البريِّ يثور
فوقَ سهولِ كرامتِنا
ويبُوحُ بأحلامِ البؤساءِ أمامَ الغيبِ
لا رَيبَ ستسمُعكَ الغيماتُ صباحًا
وستُمطُرُ أملًا فوقَ الوديانِ مساءً
وتُفجّر حُبًّا في الطرُقاتِ المحظُورَة
ويظَلُّ القمرُ النازِفُ حبرًا
يتنقَّل بينَ الأوهام
***
وسأبني يا وطَني بيتًا
في النجمِ الساطِعِ بينَ مخالبِ نَسرين
وسأكتُبُ رُغمَ البَردِ ورغمَ الجوعِ
على مَهلٍ
آخَر ألحاني...
وسأعزِفُ رغمَ المطَرِ البارِد
كالعصفورِ نشيدي...
وأضيعُ كقطرةِ ماءٍ داخِلَ بحرٍ
أو ثانيةٍ في جَوفِ الأيّام...
***
سأغيّر عُنواني, يا وَطني
سأغيّر عُمري
سأبدّل ثَوبي , يا قَدري
يا عَهدًا يِشغلني, يُغرقني
يا أرقًا ما زالَ وراء الليلِ يُراوِدني
وسأكتُبُ, أكتُبُ... أكتُبُ
فلتَسمح لي يا قلب. الآنَ سأبكي!
أجلِسُ مُضطرِبًا في بابِكَ...
أرجُوك...
أتوسّل نبضَكَ أن يمضي...
لأعيدَ أصابعَ ذاكَ النائمَ خَوفًا
كي يَصحو
يا وَطَني المرهونِ لأمجادِ الماضي
يا طِفلًا يرضعُ أسرارَ الدنيا
مِن حلمَةِ ثَديِ الغيب...
يَقطِفُ أوهامَ النسيانِ حُروفًا
ويسافر فيها ...
عبرَ دخانِ الحُبّ
***
أمهِلني دَهرًا حتى أجمَعَ أسراري
وأعودُ بما مَلكَت كفّي
مِن وَجعٍ يَسرُدُ ذاكِرتي...
أو أملًا يجتاحُ حُروفي
قيِّدني... كي لا أَهرُبَ مِنكَ الآن
قيّد ذاكِرتي ... ليست ذاكرتي العُنوان
إني أتنَفسُ تحتَ ثرىَ الكلماتِ حنينًا
وأبوحُ بألمي للنسيانِ
***
أنسـاكَ الآنَ.. على مَهلي
يا أنتَ النائمُ فوقَ شِفاهي المبتورةِ
إن كُنتَ حقيقيًّا حقًّا
لا تَبقى شبحًا واخرُج
مِن تِلكَ المرآةِ المكسورة
وضِّبْ أشلاءَكَ... لا تَبقى
فالقادِمُ يحمِلُ أحلامًا لا تُرضيك
وحروفًا مِن دمنا نَزَفت
فوقَ تُرابِ الأبَدِ النابِض
لا تَبقى مَكتوفَ العينين
تئنُّ وراءَ السورِ الأيمنِ
لـن يسمعَكَ الكون
فصمتك لن يكفيك...
حرّر أجنحَة النسيانِ وغادِر
ذاكرة الدنيا لَن تُبقيكَ
فارحَل
لا شيء هُنا
في هذا العالَمِ قَد يُرضيك