قام مؤخرا مكتب المحامي شادي عرطول المختص بقضايا الاهمال الطبي بتقديم دعوى قضائية بملايين الشواقل باسم طفل ضد احد صناديق المرضى في منطقه الشمال.
وتعود حيثيات هذه القضية للفترة التي كان بها الطفل بعمر عامين تقريبا ، عندها لاحظ والداه ان طفلهما يعاني من ارتجاج في حركات رأسه بشكل غريب في ساعات الصباح عند استيقاظه من النوم ، وقد توجه الاهل الى الطبيب بصندوق المرضى برفقه طفلهم ووصفوا له حالته هذه، الا ان الطبيب في صندوق المرضى، للأسف الشديد، لم يعر الامر اي اهتمام وقام بفحص الطفل بشكل سطحي، ولم يوجه العائلة الى طبيب اعصاب مختص كما كان من المفروض أن يفعل وذلك لتشخيص حالة الطفل الصحية ، الأمر الذي ادى الى التأخير في كشف حقيقة الأمر .
حتى بعد تفاقم حالة الطفل الصحية وازدياد المؤشرات المرضية ، وبالرغم من توجه العائلة للطبيب في صندوق المرضى مرارا وتكرارا على مر سنتين وابلاغه بان الطفل بات يعاني من مشكلة في التوازن والمشي وانه يتقيأ ليلا، لم تجر للطفل اي فحوصات مناسبة ولم يوجه الى طبيب اعصاب مختص .
وفقط بعد مرور عامين ، وبعد التوجه لطبيب مختص واجراء الفحوصات ومن ضمنها فحص الرنين المغناطيسي (MRI) اتضحت الصورة اخيرا بان الطفل يعاني من ورم في الدماغ !!! وان الورم بات كبيرا ومن المستحيل استئصاله دون المساس بوظائف الدماغ !
وبالفعل فقد اجريت للطفل عملية جراحية معقدة لاستئصال الورم ، الا ان الطفل لم يستعد عافيته وبقي مع اعاقة بدرجة ١٠٠% واضرار جسدية منها الاعاقة في المشي والاعاقة البصرية.
من الجدير بالذكر ان التقرير الطبي من الطبيب المختص في جراحة الدماغ والاعصاب الذي ارفقه المحامي شادي عرطول الى ملف الدعوى يشير بشكل واضح بان للتأخير في تشخيص حالة المريض اثر كبير على نتيجة العلاج، ولو ان التشخيص كان قد تم في المراحل الاولية ، فان العلاج سهل للغاية ولا يترك أي اعاقة او أي ضرر يذكر ولكن بسبب التأخير في التشخيص كبر الورم وأشغل حيزا كبيرا في الدماغ وعندها لم يكن بالإمكان استئصاله دون المساس بأجزاء من الدماغ الأمر الذي أدى الى إعاقة كبيرة لدى الطفل .
هذه الحالة وحالات اخرى مشابهه تدل على الفروق الشاسعة بين الخدمات الصحية في البلدان في شمالي وجنوبي البلاد مقارنة بالخدمات في مركز البلاد ، حيث تتميز الاولى بنقص كبير في القوى العاملة والاطباء الاخصائيين والاجهزة الطبية المتقدمة ، امر بات الان في مركز الجدل حول قيمة واهمية صحة المواطن الذي يقطن في هذه المناطق مقارنة بنظيره في مركز البلاد ، الأمر الذي الزم وزارة الصحة بعقد جلسة خلال الاسبوع المنصرم لنقاش هذا الموضوع وايجاد حلول للتقليص من هذه الفروق.
ان تقديم الدعاوى القضائية في مثل هذه المواقف ضد صناديق المرضى ، يعد محفزا لها كي تحسن الخدمات للمواطنين وان تستثمر الموارد اللازمة لتحسين البنية التحتية لمرافقها وتحسين مستوى طواقمها .