الجمهورُ الكريم! ظبّوا المسابح! رطرطوا الموبايلات! شكرًا وسكرًا لكم سلفًا وخلفًا! والشّكر موصول لموقع "سبيل" وجمعيّة "نيسان" لإقامة هذا الـ "ميني مهرجان"، وتفخيخه بهذه البطّاريّة النّحويّة الباذخة من النّقّاد والباحثين والمفكّرين، ومن الكتّاب والشّعراء الهائمين على وجوههم حالمين. سأقرأ لكم، أو عليكم سيّان، قصيدة عموديّة، أهديها إلى عشّاق عمود الشّعر، بدءًا بدَخُولِ امرئ القيس وحَوْمَلِه وانتهاءً بحمّالة امرأة الفيس بوك وليلة دُخلتها، مرورًا بما حَمَل الجَمَل من حمولات واحتمالات: ]
شعر: تركي عامر
رَأَيْتُ الرُّوحَ سِرًّا فِي الْمَنـَامِ، * وَقَدْ حَيَّيْتُ: حُبِّي وَاحْتِرَامِي!
فَهَبَّتْ: مَنْ هُنـَاكَ؟ وَكَيْفَ خِدْرِي * دَخَلْتَ؟ أَجِئْتَ حَالاً فِي مَقَامِي
تُعِيثُ الْيَوْمَ؟ يَا هَذا تَنـَبَّهْ، * دَخَلْتَ الآنَ مِنْطَقَةَ الْحَرَامِ!
تَوَقَّفْ عِنْدَ ذاكَ الْحَدِّ، وَاخْلَعْ * عَنِ الْجُثـْمَانِ أَكْفَانَ الأَنَامِ!
أُرِيدُكَ دُونـَمَا قِشْرٍ، وَطَلِّقْ * أَنَاكَ، سِوَاكَ حَالاً كُنْ أَمَامِي!
إِذا مَا سَاكِنـًا حَرَّكْتَ، يُقْضَى * عَلَيْكَ بـِلَحْظَةٍ، وَاسْمَعْ كَلاَمي:
حِزَامًا نـَاسِفًا لَوْ كُنْتَ تُخْفِي، * فَقَوْسِي لَمْ تُطَلِّقْهَا سِهَامِي!
تَعَرَّ الآنَ مِنْ قَدَمٍ لِرَأْسٍ، * وَفُكَّ هُنَاكَ أَرْبـِطَةَ الْحِزَامِ!
فَقُلْتُ: الْعُرْيُ فِي الصَّحْرَاءِ عَيْبٌ، * وَهَذا الْبَرْدُ يَبْرُدُ لِي عِظَامِي.
فَرَدَّتْ: هَا أَنـَا مِنْ دُونِ ثـَوْبٍ، * وَعَارِيَةً أَظَلُّ عَلَى الدَّوَامِ،
وَبَيْتِي دُونَ جُدْرَانٍ وَسَقْفٍ، * وَنـَارًا لَسْتُ أَوقِدُ بَلْ غَرَامِي.
رَدَدْتُ: بَرَدْتُ، لُطْفًا زَمِّلِينِي، * وَدَعْكِ الآنَ مِنْ نـَارِ الْغَرَامِ!
فَقَالَت: لاَ تُمَارِينِي جُزَافًا، * وَنـَفِّذْ مَا أَمَرْتُكَ، يَا غُلاَمِي!
كَفَاكَ الآنَ تَهْذارًا وَهَدْرًا * لِوَقْتٍ لَيْسَ يَرْجِعُ مِنْ أَمَامِ!
أَتَيْتُكِ، قُلْتُ، وَا رُوحَاهُ، خِلْوًا، * وَلَيْسَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنَ حُطَامِي،
فَـَهَا أَنَذا أَمَامَكِ دُونَ رَسْمٍ، * وَإِسْمٍ، إِنَّمَا حُلُمٌ قِوَامِي:
دَمِي فِي الأَرْضِ يَبْحَثُ عَنْ بُذُورٍ، * فَقَدْ جَاعَتْ عَصَافِيرُ السَّلاَمِ.
فَقَالَتْ: لاَ تَقُلْ حُلْمِي سَلاَمٌ، * وَحَرْبًا أَنْتَ تُشْعِلُ بـِانـْتِظَام!
وَثـَنـَّتْ: لاَ سَلاَمٌ لاِبْنِ أَرْضٍ * إِذا مَا ظَلَّ عَبْدًا لِلْكَلاَمِ،
وَأَحْلاَمًا يَعِيشُ وَلَيْسَ يَحْيَا، * فَقُومِي الآنَ يَا أَحْلاَمُ نَامِي!
حرفيش * الجليل * تشرين الثّاني (نوفمبر) 2009
(*) ألقيت في ندوة "الشّعر والسّياسة"/ المغار/ 20 شباط (فبراير) 2010