بقلم : أصالة سعد - المغار
تعبَ قلبي في داخلي فودّعني وذهبَ إلى بيتِ السعادة , ذهب ليبحث عن الذي لطالما حلم بهِ ,.. السّعادة ليست إلا شوقٌ يعانقه الوصال , ليست إلاّ حلم نتصنعه ووهم نتوق الى بلوغهِ !
لقد خطّتني يد الزمان كلمة في كتاب هذا العالم الغريب , وها أنا الآن كلمة مبهمة , أفكر في حال هذه الدنيا , أرى وجوها عديدة مختلفة , أرى وجوها يملؤها الحزن ويبللها الدمع , وجوه مثقلة بالهموم والحسرة والكآبة, تراقب هذه الدنيا بمنظارها الأسود , ترى الدنيا مظلمة ظالمة والمارة وحوش الظلام , وهي في هذه الدنيا عابر سبيل وقف على الطريق ليبلل شفتيه بالقليل من الماء ويتابع سبيله , وجوه لم تعرف قط يوم السعادة , وهي لا زالت تتوق للبحث عنها !!
أرى أناسا يملأ قلوبهم التعب والألم , لكن وبالرغم من كل شيء بسمتهم تشع للدنيا فرحا وسرورا , البسمة لا تكاد تفارق شفاههم , يصنعون السعادة ليعيشوا في هذه الدنيا فرحين ! " فما أجل القلب المهموم حين يشارك القلوب المرحة أنشودة مرحة " !!... يضحكون رغم كل ما ألم بهم من مصائب ومصاعب ! " فقمة التحدي أن تضحك وبعينيك ألف دمعة " ...
إنني أحب السعادة مثل جميع البشر , أستيقظ كل يوم وأطلبها كما يطلبونها , لكنني لم أجدها يوما في سبيلهم , ولا رأيت أثر أقدامها على الرمال المحيطة بقصورهم , ولا سمعت صدى صوتها خارجا من نوافذ بيوتهم , ولما انفردت بطلبها سمعت نفسي تهمس في أذني قائلة : " السعادة صبية تولد وتحيا في أعماق القلب, ولن تجيء إليه من محيطه "!
إنني أعيش أيامي وليالي متسارعة متساقطة من حياتي مثلما تتناثر أوراق الشجر أمام رياح الخريف , لكن أنى لقلبي أن تفض أختامه إلا إذا تحطم !! عشت وسأعيش أبدا ودائما أبحث عن السعادة لأطلبها وأصلها وأوصلها إلى جميع البشر الذين لا يزالون يبحثون عنها , وأعطيها للآخر الذي يصنعها من وحي خياله لأعرفه على حقيقة السعادة وما يدور حولها من معان ! سأبحث عنها في تغاريد العصافير , بين أمواج البحار ورمال الشاطئ ,..بين ألعاب الأطفال وكلام الكبار ,..قلوب العاشقين وأراضي الفلاحين ,..سأبحث عنها مع كل قطرة ماء ونسمة هواء ودمعة عويل وبكاء ! سأبحث عنها بين الوجوه ..وسأجدها ! لعلها مختبئة تحت الأرض أو فوق الغيم , لعلها تعرف سرا أو تكتب جهرا , فسأجدها ! " فقيمة المرء ليست فيما يصله , بل فيما يتوق الى بلوغه " ...