موقع سبيل – تقرير : يحيى عامر
مدينة " عكا " العريقة ، المدينة التي كان مجدها رمز للصمود وجوهرة المدن العربية الفلسطينية في زمن ولى ! باتت هذه الايام رمز للتباعد والشرود ومعقلا للعنف والشر وانقلبت شوارعها مسرحا هوليووديا لتجسيد افلام الغرب دون عدسات الكاميرات ! فمنذ عدة أيام وكالعادة في إحدى حروب العصابات العائلية، او الجماعات المتنازعة على أللا شيء ، في احد شوارع المدينة أثناء اطلاق وابل من الرصاص على احد شبان المدينة في ساعات الصباح الباكرة اثناء ذهابه الى العمل شاء القدر أن يعترض تلك الرصاصات أربعة اولاد اخوة لم تتجاوز اعمارهم الخامسة عشر أثناء ذهابهم الى مدرستهم في احدى ضواحي المدينة .
وباعجوبة ورحمة من قبل رب العالمين، جميع الرصاصات اخترقت الحقائب المدرسية المحمولة على ظهور الاخوة مما ساعد على الحد من عزم الرصاصات اثناء اختراقها للكتب داخل الحقائب ! الا ان احدى الرصاصات تابعت مسارها لتصيب اذن اصغر الاخوة سليمان طارق شلبي ، طفل بعمر البراءة لم يتجاوز الرابعة من عمره بعد ممَّا ادى الى تمزيق أذنه ! وبلطف ورحمة الخالق لم تؤذي الرصاصة سمع سليمان وأقسام أذنه الداخلية .
في مستشفى الجليل الغربي( نهاريا ) زرت الطفل سليمان شلبي والتقيت بافراد عائلته ، الوالد السيد طارق شلبي والأم السيدة امال شلبي وبعض افراد العائلة . وخلال حديث لي مع والديه اللذان تظهر عليهما علامات القلق والحزن الشديد على ما ألمَّ باطفالهم الاربعة من صدمة نفسية وخوف شديد، وما ألمَّ بطفلهم سليمان ، طفل تظهر على محياه علامات الصدمة والاستفهام والذي منذ دخولنا الى غرفته في المستشفى أبى ورفض رفضا قاطعا النطق ببنت شفة، ولكنه احيانا كان يجهش بالبكاء عندما يسمع صوت والدته السيدة امال شلبي التي عبرت عن مشاعرها بصوت غمره حزن عميق، واعربت عن رفضها واستنكارها لهذه الحادثة النكراء ووصفت اقوال طفلها سليمان وبناتها الثلاث الاخريات اللواتي تواجدن بمكان الحادثة بمسار اطلاق النار قائلة: اولادي يحاولون فهم ما حصل في ذاك اليوم الكئيب، ويتسائلون حول ما جرى،وماذا ولماذا وعما سيحصل اضافة الى العديد من الأسئلة المحيِّرة! وتلخص السيدة امال ان عائلتها تمر بفترة عصيبة وكل ما ترجوه شفاء سليمان وان ترتسم البسمة على شفتيه من جديد! ولبناتها ان ينسين ما حصل معهن نهائيا .
وبدوره الوالد السيد طارق شلبي الذي بداية اعرب عن شكره وحمده للخالق عز وجل على سلامة اولاده الاربعة وقال : انه يعتبر هذه الحادثة كأنها اعجوبة ورسالة واضحة لسكان مدينة " عكا " كون هذه الحادثة الاولى التي يصاب بها اولاد صغار لا ذنب لهم ولا علاقة بخلافات الكبار . واضاف السيد شلبي ان كل ما يريده ويأمله فقط خروج ولده سليمان من المستشفى وعودته سالما غانما الى البيت .
في مستشفى الجليل الغربي كان لي لقاء ايضا مع الشاب الذي اطلق عليه الرصاص ! السيد محمد قشاش الذي اصيب باحدى العيارات النارية التي اطلقت عليه الا انها اصابته في منطقة الحوض وهو يتماثل للشفاء . السيد قشاش يرجح ان سبب اطلاق النار عليه يعود لاسباب خلافات قديمة مع احد سكان المدينة فيما مضى ومنذ فترة طويلة .
سألت السيد محمد : من المعروف قانونيا اذا كان مواطن معين موجود تحت العلاج في المستشفى وقد تم اطلاق النار عليه وحياته معرضة للخطر من قبل آخرين اليس من المفروض ان يكون شرطيا او رجل أمن يحرس على باب غرفته في المستشفى ؟! السيد قشاش أجابني واختصر: "كوني عربيا ومن مدينة عكا " .
المجني عليه السيد محمد قشاش أكد لي ان مطلق النار لم يرى الاطفال وهم يعبرون مكان الحادث وكان ظهورهم بشكل مباغت ! ويضيف السيد قشاش انه واثق ان مطلق النار لم يهدف اصابة احد غيره هو .
من الجدير بالذكر والغريب بالامر أنَّ عائلة الطفل سليمان شلبي والمصاب محمد قشاش كلهم يضعون اللوم على الشرطة وعلى وجه الاخص بمدينة "عكا " ويصرح جميعهم ان الشرطة لا تبالي لما يحدث في عكا بين الافراد المتنازعة وحتى انهم يعتقدون انه من مصلحة الشرطة في عكا ان تتخلص من الخارجين عن القانون عن طريق قتل بعضهم البعض ، وحسب اقوالهم ان الكثير من سكان عكا يعتقدون ان الشرطة لا تعمل جاهدة على حل النزاعات العائلية بين سكان المدينة العرب منهم ! اما اذا نشب نزاع الجماعات بين يهودا وعربا تلاقي سيارات الشرطة تملأ شوارع المدينة ! .
الآراء المطروحة لا تعبر بالضرورة عن رأي الكاتب .*