شعر : عمر سعدي - سخنين
وما زِلتُ أصرُخ...
1
وأحمِلُ ما مضى وأضيعُ في ما سيأتي
أرحَل في عبثيّة الرؤيا مُكابرةً
وأمضي باتّجاهِ البحرِ، سربًا مِن يمام
أصرُخُ للشواطئ؛ للمراكِب؛
لانقباضِ المَوجِ فَوقَ مَحارِهِ المنحوتْ
وأصرُخُ للموانئ؛
لعلَّ السمَكَ البحريَّ يسمعني هُناكَ
أو ذاكَ الشِّراع؛
2
وأحمِل ما مضى وأضيع في ما سيأتي
وأنا مُهَدهَدٌ كفَراشةٍ في الحقلِ، هاربة
وآخذة رحيقَ اليابِسة؛
أمضي في جِراحِ الزهرِ، مُنتشرًا عبيرًا
وأصرُخُ للسهولِ وللجِبالِ وللحقـول؛
أصرُخ للزنابِق، للجداوِل
لكُرومِ التينِ المنسيّةِ هناكَ؛
لزهرِ الأقحوان
(أصرُخُ للهضابِ أمامَ موسيقى الضياع الحُرّ)
أصرُخُ للبيوت؛
لعلَّ الجدرانَ تسمعني
أو تِلكَ النافِذة؛
3
وأحمِل ما مضى وأضيع في ما سيأتي
أتأمّل غيمَة في السماءِ، تَرمقني
وأقشعُها... وتتبعها خُطايَ..
تجذِبني النجومُ إلى انحداراتِ الزُمرّدِ
ثُم تتركُني هُناكَ, أحيكُ مِن وهمي
ثيابًا للغمام؛
وأصرُخُ للنجومِ
وللمجرّاتِ الحيارى
أصرُخ للفضاءِ الحُرِّ، في مَسرحِ الوهمِ المُعتّقِ
أصرُخُ للأقمارِ في صَدْعِ الرؤى
وأصرُخُ للكـواكِبِ؛
أصرخُ للسماءِ الآخرة؛
للروحِ في نَفسي وللجَسدِ النحيل
أصرُخُ باتّجاهِ الغيبِ
لعلَّ اللهَ يسمعني هُناكَ
أو تِلكَ الذاكِرة.