حضر صباح اليوم السّبت المئات من شيوخ الطّائفة من الجليلين والكرمل والجولان للمشاركة في الزّيارة السّنويّة التّقليديّة لبيت المرحوم سيّدنا الشّيخ علي الفارس (ر) في يركا.
وقد افتتح سماحة الشّيخ موفق طريف الرّئيس الرّوحيّ للطّائفة الدّرزيّة مراسم الزّيارة، متطرّقًا إلى الدّور الكبير لسيّدنا الشّيخ علي الفارس في الذّاكرة التّوحيديّة قائلًا: "كم يطيبُ لنا أن نشدّ وإيّاكم الرّحال، لنزور بالأجساد والضّمائر والقلوب، بيت الطّاهر السّيّد الفرقد، والشّائق الفائق المُفرد، حليف المحبّة والأشواق، طاهر الذّكر والأعراق، دوحة المكارم والفضائل، العارف الكبير، الفنار المنير، ذي الإخلاص والشّمائل، دليل المحبّين الصّادقين، وبوصلةُ الطّالبين الرّائقين، صاحب الأشعار المنظومة بدُرّ النّظم والنّفائس، الّتي تطيب بها الأسماع وتحيا بها النّفائس، سيّدنا الشّيخ علي الفارس، رضي الله عنه وأرضاه، ونفّعنا بعظيم ذكرهِ وذكراه. "
وتوجّه سماحته في معرض كلامه إلى الموحّدين في لبنان مناشدًا إيّاهم بالتّغاضي والتّراضي وتجديد مواثيق التّفاهم مهما كثرت الخلافات والنّقاشات مؤكّدًا: "أنّ عيون جميع الموحّدين ترنو ولا تزال لدور لبنان التّاريخيّ في الجمع الحكيم المسؤول لكرامة ومصلحة الطائفة دينيًّا واجتماعيًّا، راجين ألّا تطال أيادي الشّقاق هذه الصّورة الرّائعة والدّور التّوحيديّ الرّائد".
هذا وتطرّق سماحته إلى الأوضاع الحادثة في سوريا، داعيًا الله تعالى أن يخفّف وطأة الحرب عنها ومناشدًا للعمل المشترك لما في مصلحة الطّائفة وصون حقوقها وأمنها واستمرار ثبات الكيان التّوحيديّ في القطر السّوريّ.
وخصّ سماحته خلال كلمته أهالي يركا الأكارم الّذين اختصّهم القدر بولادة هذا الوليّ الشّريف في بلدهم العامر، مهيبًا بهم "أن تكون هذه الذّكرى تجديدًا لما ألفناه من تغاضٍ عن الضّغائن والأحقاد، طالبين من عائلة عطالله وشحادة وبركات، موجّهين عليهم صاحب هذه الذّكرى الطّيّبة وعموم الأنبياء والأولياء إنجاز الصّلح فيما بينهم في أقرب وقت لمصلحة يركا والطائفة في البلاد".
هذا وتحدّث قبيل أيضًا خلال مراسم الزّيارة فضيلة الشّيخ أبو علي حسين الحلبي، معدّدًا مناقب سيّدنا ا الشّيخ علي الفارس وإرثه الرّوحيّ الكبير.
وكان في استقبال الشّيوخ لفيف من أهالي يركا وشيوخها وفي مقدّمتهم فضيلة الشّيخ أبو يوسف صالح القضماني، يرافقه سايس خلوة يركا الشّيخ وائل معدي ورئيس مجلس يركا المحلي السّيّد وهيب حبيش الّذين رحّبوا بالضّيوف نيابةً عن أهالي يركا.
واتّسمت الزّيارة بحفاوةٍ لافتة استُقبلت خلالها وفود الشيوخ من كافّة القرى، والّتي ضمّت أيضًا فضيلة الشّيخ أبا أحمد طاهر أبو صالح، فضيلة الشّيخ أبو سليمان فارس شمس ولفيفًا من سيّاس الخلوات والأئمّة.
ويعتبر سيدنا الشيخ علي الفارس الذي عاش إبّان القرن الثّامن عشر أحد كبار شيوخ وأعمدة التوحيد ويلقب "قتيل الشّوق"، اعترافًا بقيمة ما خلّفه بعده من تِركةٍ شعريّة روحيّة، وموهبة كتابةٍ عرفانيّة، سخّرها سيّدنا الشّيخ علي الفارس في مدح الذّات الإلهيّة، وذكر مناقب الأنبياء ورواية قصّة ما حمله في قلبه من صدقِ شوقٍ وتوق.
هذا، ومن المشهور المألوف عن سيرة سيّدنا الشّيخ عليّ الفارس (ر)، ما ثبت من علاقته المشهورة وأخوّته المأثورة مع عائلة طريف الّتي رعته أثناء تواجده في مغارة "النقّاطة" الموجودة في منطقة وادي السّمّاك، وثمّ أثناء إقامته المباركة في قرية جولس إلى آخر يومٍ في حياته، حيث لا تزال العائلة تتناقل آثاره الخاصّة، مستبركين بها جيلًا بعد جيل.