شعر : سلمان خليل دغش - المغار
مُختارةَ الشُّوف أَبكاني وأَبكاها *** فراقُ من كانَ راعيها وَمْولاها
الفَيْلسوفُ أَتى الدُّنيا بفَلْسفَةٍ *** قد أعجزَ الفكرْ مَعناها ومَغزاها
يَمتصُّ منها رحيقَ الروحُ يعصِرُهً *** شهْداً فما علةٌ إلا وأشفاها
ليس من فتنة إلا وأخمَدَها *** وليسَ من عَوْرةٍ إلاّ وواراهَا
أحاله الشوف عُرْنَ الأسْد إن زأرتْ *** ضجَت بها البَيْدُ أدناها وأقصاها
وغابَ عنهُ ولم يخشى الرَّدى أبداً *** في أمَّة يسْكن الفِردوس مَوتاها
*****
أَرواحُنا قَبْضة الرَّحمن مُذْ وجدَت *** فُلْك قَضى اللهُ مُجراها ومُرساها
الرَّحم يزرعُها والموتُ يحصُدها *** والله في اللوح منذ البدءِ أَحصاها
وَمَا المنِيَّةُ في كفَّ امرِئ أبداً *** بل في يدِ الله ربِّ العرش مَأتاها
وما علينا سوى التسليم ليس لنَّا *** حَوْل ومن ذَرأ الدُّنيا وسوَّاها
*****
لكنَّهُ الغدرُ بَئسُ الغدرُ طابَعُهَا *** قبائلُ العُربِ أُخراها كأولاها
عثمانُ لم يحمه فيهم خلافتُهُ *** وقتلِهِ جاءَ بَعْضاً من خطاياها
والحقدُ طالَ عليَّاً ساجداً ورعاً *** من جاء أشرفها خُلقاً وأهداها
*****
واليومَ دورُك يا بدْراً بداجيةٍ *** إن أظلمتْ بسقاعِ الهدى غشَّاها
أصابكَ السُّهم سهمُ الحِقد في أمم *** للحقد قد أسْرَجَت بغياً مَطاياها
قد عشت أَبلغنا قَولاً ومعرِفةً *** وفي المروءَة أنداها وأسخاها
صقراً على صخرةٍ أمْتٍ على جبلِ *** الشوف في الشرق أرواها وأعلاها
وأصْيَداً في عرينٍ عاشَ تَرهبُهُ *** ذئابُها بين أخناها وأعصاها
وكانَّ لبنان في أيامكم مثلاً *** للشرق أَعذبُها فوحاً وأذكاها
ذكراك في القلبِ رأد الفجر أرسلها *** من الجليل نسيم الشّوق غذاها
تبيت في الشُّوف بين الأُسْدِ يحملها *** ريحُ الجنوب جليلُ الصِّيد أهداها
*****
أبكي وتبكي جبال الشوف مَنْ فقدت *** أَلبِيد تبكي عظيمُ الهول أبكاها
إذ فارقت صارماً بتَّار عاش لها *** وكان في السوح سوح الفخر أفتاها
لو يعرف الموت من قد جاء يقبضهُ *** لعاد عنك وفي تيهِ الدُّنى تاها
*****
قد قُلت إِصبر فالوليدُ لها *** ما خاف في سَاحةِ الأعداءِ عُقباها
مَنْ ظنَّ بعدك أن الشوفَ ليسَ لهُ *** عَزْ م وقد مات أَسمى أهلِه جاها
فجاءَهم من أبي تيمور زوبعةٌ *** بالمُردِ بالشَّيبِ في بحمدون غذاها
وفر من فرَّ والمارينز تتبعه *** لما تجدْ غير صَحن الدَّير ماؤاها