أمسية كرملية عن الأرض والانسان
الماضي والمستقبل, الأرض والانسان, الطفولة والختيرة, الوطن والمنفى, بين ما كان وبين هو قائم وبين الشعر والنثر", هكذا أمضى جمهور كبير محب للأدب والثقافة ساعة من الزمن في مسرح النقاب بعسفيا مع ابن الكرمل الأديب سلمان ناطور في أمسية أدبية راقية دعت اليها مدرسة رونسون الثانوية ضمن برنامجها الثقافي اللامنهجي.
افتتحت الأمسية المعلمة امال دقسة مركزة البرنامج الثقافي بكلمة ترحيب قصيرة ثم تحدث مدير المدرسة الاستاذ ماهر نصر الدين مشيدا بمكانة ودور الاديب سلمان ناطور محليا وعربيا وبعده قدم الطالبان موران صالح ومنية علو نصين أدبيين عن مسيرة وأدب ناطور وقد حضرت الموسيقى بعزف على الكمان قدمه الفنان فراس عيسمي بعد افتتاحية موسيقية شاركه فيها والده الفنان قفطان عيسمي.
.حضر الأمسية جمهور كبير من الكرمل وافتتحها ناطور باهداء الى روح والده الذي تحل هذا العام ذكرى مرور عشرين عاما على وفاته وهو الذي رسم معالم طريقه في عالم الأدب والى قريته دالية الكرمل حيث قرأ قصيدة كان كتبها عندما كان في الثالثة عشر من عمره بعنوان "قريتي". بعد ذلك توالت القصص والفقرات منذ طفولته في القرية ولعبه في حاراتها وموارسها ووديانها وحتى شيخوخته التي "تحيي الطفل الذي فينا وتعيدنا الى التفاصيل الصغيرة" وقرأ أيضا عن رحلاته الى الخارج وهو في قلبه ووجدانه يحمل قريته "التي لا تظهر على خريطة" فتظهر أمامه في باريس ولندن ويعلن"أنت لا تحب المكان الذي تولد فيه الا عندما تبتعد عنه" ومع الكلمات الساخرة التي أضحكت الجمهور والكلمات العاطفية الشاعرية التي أبكته والحنين الى الماضي والدعوة للعودة الى القيم الانسانية والحضارية والارتباط بالأرض والدفاع عنها, مع أجواء من الابداع الأدبي والالقاء الفني المسرحي والموسيقى المرافقة عرف الجمهور الذي كان منشدا لكل كلمة, ساعة وجدانية خاصة ونادرة وقد أضاف تصميم الديكور والاضاءة لاياس ناطور بعدا مسرحيا رائعا لهذه الأمسية. واختتم ناطور أمسيته بقوله:
"لكي نعود إلى رشدنا لن يبقى لنا سوى تاريخنا ولغتنا وحكايتنا.
لن يبقى لنا سوى ما تركه لنا هذا الجيل من ارث اذا فقدناه سنهيم في صحاري الوهم والسراب, سنمشي على الريح, سنغرق في الحلم وستحملنا العاصفة وتلقي بنا بعيدا بعيدا في القفار الخالية, ستفترسنا الطيور الجارحة وستأكلنا الضباع.
نعود إلى ذواتنا كعودة المنفي الى وطنه والغائب الى بيته.
نعود إلى رشدنا, إلى وعينا, إلى مفرداتنا, إلى حلمنا, إلى حريتنا, إلى كتابنا, إلى قصيدتنا, إلى روايتنا, إلى إبائنا, إلى كرمنا, إلى تسامحنا, نعود إلى أنفسنا شرفاء أنقياء نحب الحياة ".