قصص نادر أبو تامر في طريقها إلى العالمية - بقلم : د.بطرس دلة

تاريخ النشر 15/3/2010 20:19

بقلم : الدكتور بطرس دلة -  كفر ياسيف

لقد اطلعت في الأيام الأخيرة على القصص الثلاث الأخيرة التي صدرت للإعلامي والكاتب نادر أبو تامر في مجال الكتابة للصغار. هذه القصص هي "وانقطع الماء فجأة"، "الزرافة ظريفة" و"البيت السعيد". يمكن القول إن الكاتب يواصل في الخطّ الذي انتهجه في تقديم المفيد والناجع والجميل في نفس الوقت لجمهور أطفالنا العرب في كلّ مكان وإن كانت هذه القصص تفاوت في قيمها الأدبية والإنسانية والجمالية، ولا ادري لماذا يطلقون عليها كتب الأطفال طالما نحن الكبار يمكن أن نجد فيها جدوى وفائدة ومتعة أيضًا.
يشار إلى ان الكتب الثلاثة الأخيرة صادرة عن "دار الهدى" في كفر قرع لصاحبها عز الدين عثامنة، وقد أشرف الكاتب نفسه على التدقيق اللغوي في القصص الثلاث حرصًا منه على تقديم الكتاب ليس في أجمل حلة فقط، وإنّما في أفضل حلة تتعاطى بصورة ترتكز على احترام طلابنا وأطفالنا ووعيهم.
 
د.بطرس دلة
 
وانقطع الماء فجأة:
تهدف قصة "وانقطع الماء فجأة" إلى تعليم الصّغار ضرورة الحفاظ على الماء المقدّس الذي لا يمكن بدونه أن تستمر الحياة، خصوصًا أن لفتة صغيرة من كلّ واحد منا يمكنها أن تساهم في المحافظة على هذا الكنز العظيم. رسوم القصة وضعها الفنان التشكيلي نهاد بقاعي الذي أعطى القصة بُعدًا جماليًّا خاصًّا. تتحدث القصة عن الطفل رامي الذي يسمع في نشرات الأخبار وفي مدرسته بأنّ الأمطار التي هطلت في البلاد خلال العام الماضي كانت قليلة، وبالتالي فلا بدّ أن يعمل شيئًا كفرد من هذا المجتمع من أجل المساهمة في التوفير بالمياه، خصوصًا وأنه يحب زهور الحديقة في بيته، ولا يريد أن تذبل أو تجف، ولديه أيضًا قطّ محبّب يربّيه ويحبّه ويخاف أن يصيبه سوء بسبب قلة المياه، ويخاف رامي أن يموت هذا القطّ في حال انقطاع المياه. ولذلك، كلّما فتح أفراد عائلته الماء بصورة مبالغ فيها يقوم بخطوة تهدف إلى الحد من استعمال المياه...
واضح أن هذه القصة مستوحاة من صميم الواقع الذي نعيشه في ظلّ شحة المياه، وأذكر في هذا السياق قصة نادر أبو تامر المعروفة "ليلى الخضراء"المشاركة في العام الأخير ضمن "مسيرة الكتاب" والتي تتناول مواضيع البيئة والحفاظ على الطبيعة، وقد أخبرني الكاتب أنَّهُ من المتوقع صدورها في الأسابيع القليلة القادمة مترجمة للعبرية.
هذه القصّة هي قصّة غير مباشِرة في مضامينها حيث لا تتبع مقولة إفعل ولا تفعل، بل تصوّر لنا الطفل رامي الذي يخاف بصورة إنسانية وطبيعية مفهومة على مصير قطه وزهور حديقته، وهو خوف طبيعي قد يعيشه كلّ طفل من أطفالنا.
وهناك بعض الهفوات الطفيفة في القصّة الجميلة مثل الإكثار من استخدام حرف الواو في بداية الجملة. ثم يا صديقي نادر أبو تامر هل خوف رامي من أن لا يشرب قطه الماء هو خوف مواز لحمّام الوالد وريّ الحديقة وغسيل السيارة. لا أعتقد ذلك...
يذكر أن المؤلف يتّصف بأسلوب مؤثّر وجذّاب يدغدغ عقل الطفل وخياله وهو يتسم بقصر الجمل التي يستخدمها في القصة بصورة ملحوظة ومتعمدة، وهي من سمات كافة القصص التي ألفها نادر أبو تامر.
 
 
الزرافة ظريفة:
هذه القصة رائعة. أحداثها تتسلسل بشكل ممتاز على الرغم من أن أحداث هذه القصة قليلة. فالقصة تعالج عاهة قد يشكو منها الصغار وهي منتشرة بصورة كثيفة في كلّ مجتمع من المجتمعات البشرية. الاحتيال على إبراز العاهة هو أمر جيد وذو قيمة تربوية رفيعة. ثم ان طريقة تجميل العاهة واستخلاص المنفعة الكامنة فيها هو أمر تربوي من الدرجة الأولى. خاصة أنك أبرزت فشل الزرافات الكبيرات ذات الأعناق الطويلة في إمكانية الحصول على الماء عندما تكون الظروف قاسية وصعبة وتهدّد بالخطر مصير كلّ هذه الفئات ولا شكّ بأنّ بحثك عن طريقة تسمح للزرافة ظريفة بمشاركة صديقاتها في اللعب هو موتيف هامّ في مثل هذه الحالة، والعاهة لدى بني البشر كثيرة تستطيع ان تجد لها أخوات كثيرة هي بأمس الحاجة إلى معالجة على غرار المعالجة التي تقدّمها قصة الزرافة ظريفة. لا شك بأن هذه القصة جميلة وإنسانية ورائعة وهي تستحق الترجمة لتكون ضمن الأدب العالمي الذي يتعامل مع موضوع الإعاقة عند البشر. وفي حال ترجمتها فمن المؤكد أن تكون الفائدة أكثر شيوعًا. أهنئك على دقة ملاحظتك وليبق الصغار، صغار بيتك وأطفالك معينًا لا ينضب في استنباط القصص الجميلة كهذه وغيرها. رسومات أيمن خطيب جميلة وتعبّر بصدق عما جاء في القصة من مضامين...
 
 
البيت السعيد:
هذه القصة التي تتحدث عن بيت يحب الطفلة التي تقيم بين جدرانه وتحافظ عليه وتهتم به وتحرص على راحته هي قصة فيها الكثير من اللامنطق. فالبيت في هذه القصة ينتقل ويضحك ويركض و... وهذا أمر غير مقبول من حيث المعنى. فنحن نستطيع نقل أثاث بيت ما أو غرفة ما أو أمر ما وهذا مقنع ومنطقي وإذا كانت الطفلة ليار تطلب منك أن تصطحب معها غرفتها إلى منزل جدّها فهذا لا يعني أن نجعل البيت يتحرك ويركض ويعرق ويتأنسن... وكنت قد سألتك عما ترمي إليه من طرح هذا الموضوع، فقلت إنك تطرح موضوع الانتماء... فدائمًا نسأل إلى أيّ مدى ننتمي لعائلتنا وبيتنا وحيّنا وبلدنا ووطننا. لكن، هل سألنا أنفسنا ذات مرة إلى أي مدى ينتمي إلينا الوطن الذي نعيش على ترابه ونتفيّأ بأشجاره..
كان من الممكن في هذه القصة الاستعانة برسوم أفضل، مع العلم بأن الفنان التشكيلي أيمن خطيب هو فنان معروف برسوماته التي تحترم عقل وقلب القارئ الصغير.
عزيزي نادر، يلفت الانتباه أنّ لديك زخمًا كبيرًا في الكتابة للصغار، فلا تتوقّف عن ذلك، لأنّ مجتمع صغارنا بحاجة إلى مثل هذا الإبداع!
 

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
1.خيريهاريد تحليل قصة ليلى الاخضراء27/01/2012 - 07:13:17 am

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 2440
//echo 111; ?>