السادس عشر من آذار هذا تاريخ الذي مزق عقولنا وأوردتنا وأعصابنا واستقر كرصاصه وترك جرحا عميقا لا يزال ينزف ولا تزال ذكراه أليمه موجعه. ذكرى استشهاد معلم الأجيال الفيلسوف زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي السياسي, والقائد والمفكر والمعلم كمال بك جنبلاط, هذا الإنسان إن غاب بجسده عنا لم تغب روحه عن مخيلتنا للحظه ولا تزال ذكراه متجسدة أمامنا منذ ذلك الوقت فهو الغائب الحاضر, كيف لا وهو الذي كتب وألف وجال الدنيا طولا وعرضا فغربل بأفكاره ألنيره وبصيرته العميقة الحياة فعرف خيرها من شرها وحلوها من مرها.
نذكره بمواعظه السامية وقيمة المثلى وتواضعه بالرغم من انحداره من أسره ارستقراطيه نبيلة فقد كان شعاره المحبة والخير لكافة أبناء البشر وقد نادى بقهر الجسد وقتل الغرائز والنزوات وان الدنيا فانية والروح خالدة فالدنيا عنده لا تساوي شيء لأنها ظلال في ظلال فقد سار هذا الفارس والزعيم التقدمي في طريق الاشتراكية لأنها حسب رأيه السبيل إلى تحقيق المساواة والعدالة ألاجتماعيه والبعد عن المصلحة الفردية وقد رأى بالاشتراكية سلاحا لمحاربة العنصرية واللاساميه إن كمال جنبلاط كان صرحا ومنبعا للعلم والمعرفة وان ومؤلفاته لا تزال مرجعاً لنقاء النفس البشرية ورقيها إلى مستوى الطهارة وسمو الذات .
أيها المعلم والفيلسوف تحضرني دائما ذكراك العطرة ومبادئك السامية فأرجع واستقي منها , وانهل بنهمً دون ارتواء هذه المبادئ أعطتنا التحدي والصلابة والقوة في وجه الرياح وأعاصير الزمن , فاتعظنا بفلسفتك وحكمتك وعلمتنا ان التسامح من شيم العقلاء وان العفو عند المقدرة وان نحكم ضمائرنا عندما نحكم على غيرنا لان الإنسان بطبعة يخطئ .
كنت نصير الضعفاء والفقراء والمحتاجين فعلمت وأعطيت وزودت بالحكمة كل من كان بحاجة لذلك , وشددت على المعرفة , معرفة الإنسان لذاته وحكمة على نفسه قبل حكم الآخرين عليه هو بمثابة الوصول إلى النرفانا والتخلص من العبودية .
ان سياسة الإصلاح التي انتهجتها كانت بمثابة صحوة لهذا المجتمع الفقير من كل النواحي , ان كانت سياسيه اجتماعية او صحيّة , والقوانين التي وضعتها بعد بحوث وسفر ومشاق وسنواتً طوال من التجوال في انحاء العالم لاكتساب الخبرة والتجربة ما هي إلا لخلق مجتمع خالٍ من الانحلال والجنوح وعدم وجود أزمات مستقبلية ومجتمع طبقي وسلم أولويات .
كان شعارك المساواة والعدالة الاجتماعية والسلام بين شعوب الأرض, وان مشكلة الحرية هي مشكلة داخلية ذاتية , فكيف يمكن للحرية ان تكون من حولكم طالما انها ليست فيكم ! .
هكذا كان يقول المعلم ويؤمن .
ان ما صنعة الفيلسوف كمال جنبلاط لا يستطيع احد أن يتجاهله , ان كان لبلده او لحزبه او للعالم اجمع .
فهو الانسان والمعلم والزعيم والفيلسوف المتعمق في المعرفة , هو الشاعر والأديب العالم والطبيب , هو المبحر في النفس البشرية هو السياسي المحنك هو المتعمق في العلوم الباطنية الروحانية هو نصير الإنسان والإنسانية هو الحاضر في وجداننا ونمشي دائما على خطاه ومسيرته الحكيمة .