طرح التحقيق العملياتي في موضوع معركة بئيري والذي تم استكماله اليوم (الخميس). حيث طُرحت النتائج على أفراد مجتمع بئيري، وعائلات المخطوفين الذين تم اختطافهم من بئيري والعائلات الثكلى. وتم تلخيص التحقيق من قبل رئيس هيئة الأركان العامة، الجنرال هيرتسي هاليفي، ثم طُرح على وزير الدفاع، يواف غلانت.
واستنتج فريق التحقيق أن جيش الدفاع فشل في مهمة الدفاع عن سكان كيبوتس بئيري؛ شهامة سكان بئيري ومقاتلي وحدة الطوارئ المدنية التابعة للكيبوتس جديرة بكل تقدير واحترام، فقد أدت إلى استقرار خط الدفاع خلال الساعات الأولى من القتال، وساهمت في تلك الأثناء في كبح توسع الهجوم لبقية أجزاء الكيبوتس.
خلال الهجوم على الكيبوتس قُتل مائة وواحد مدني، واختطِف ثلاثون شخصًا من سكان بئيري بالإضافة إلى مخطوفين اثنين آخرين، إلى أراضي القطاع، حيث لا يزال أحد عشر منهم محتجزين في غزة. لقد تصرف مقاتلو أجهزة الأمن الذي خاضوا القتال في البلدة بمنتهى الشهامة والشراسة. وخلال القتال سقط واحد وثلاثون من أفراد أجهزة الأمن، منهم ثلاثة وعشرون من مقاتلي جيش الدفاع وأفراد وحدة الطوارئ المدنية وثمانية أفراد شرطة. كما وأصيب العديد من المقاتلين والمدنيين بجروح.
يتبيّن من النتائج أن حوالي ثلاث مائة وأربعين مخربًا، منهم نحو مائة مخرب من قوات النخبة التابعة لمنظمة حماس الإرهابية، تسللوا إلى أراضي الكيبوتس ليرتكبوا حملة قتل، وذبح واختطاف ونهب وغيرها من الجرائم الوحشية. حسب أحدث التقديرات التي أجراها فريق التحقيق، تم القضاء على حوالي مائة مخرب على أرض الكيبوتس. وقد لحقت بمنازل الكيبوتس أضرار جسيمة حيث يُتوقع بأن تستغرق عملية إعادة تأهيله فترة طويلة. تم إجراء التحقيق من قبل الميجر جنرال (المتقاعد) ميكي إدلشتاين وأفراد فريق التحقيق.
وقد شمل التحقيق الذي استغرق إعداده حوالي ثلاثة أشهر مئات الساعات من الحوارات والمقابلات مع سكان كيبوتس بئيري، وأفراد وحدات الطوارئ المدنية وأجهزة الأمن، الذين تصرفوا في المنطقة على مدار الأيام الأولى بعد نشوب الحرب. وفي إطار العملية، تم جمع آلاف التفاصيل المعلوماتية والمواد لبلورة أكثر صورة ممكنة وضوحًا ودقة لتسلسل الأحداث كما وقعت فعلاً. كجزء من ذلك، جمع أفراد الفريق تسجيلات لكافة أصوات الاتصال اللاسلكي في أنظمة أجهزة الأمن،ودققوا في الاتصالات بين أفراد الكيبوتس (بعد إذنهم فقط) بل وتجمع معلومات استخباراتية مكملة واستخدام مواد تحقيق مع مخربين ألقِيَ القبض عليهم في بداية الحرب. بالإضافة إلى ذلك، جمع الفريق مقاطع فيديو مستقاة من الاستطلاعات الجوية، وتوثيقات من الأرصاد وعمليات إعادة تمثيل الأحداث الميدانية. وجرى التحقيق بالتعاون مع جهاز الأمن العام وشرطة إسرائيل اللذين تصرفت قواتهما في الكيبوتس.
إن هذا التحقيق هو عبارة عن تحقيق عملياتي عسكري يركز على تسلسل الأحداث، وإدارة المعارك وتصرفات أجهزة الأمن. حيث نظر التحقيق في حيثيات القتال الذي دار في كيبوتس بئيري، الذي كان يشكل واحدًا من بين العشرات من ساحات القتال خلال الهجوم المباغت الذي شُن في السابع من أكتوبر. يُعتبر تسلل آلاف المخربين إلى عشرات الساحات في آن واحد العامل الرئيسي الذي زاد من صعوبة وصول قوات أجهزة الأمن إلى ساحات القتال. إن هذه القضية، التي يتناولها عدد من التحقيقات، موجودة في صميم التحقيق الشامل في ممارسة القوة وسيتم طرحها لاحقًا.
لغرض التحقيق، قام الفريق بتقسيم كيبوتس بئيري على أربع مناطق تحقيق. في كل منطقة، تم مسح ورسم تسلسل زمني خاص من لحظة بداية الهجوم الإرهابي الحمساوي في السابع من أكتوبر ولغاية السيطرة على أرض الكيبوتس وتطهيره من المخربين. في كل منطقة يتم وصف ترتيبات القوات في كل مرحلة طيلة أيام القتال، وتصرفات القوات والأحداث الرئيسية الأخرى.
تم تقسيم التسلسل الزمني والنظر فيه من قبل فريق التحقيق حسب ست مراحل رئيسية: 1. بداية الهجوم وتنقل المخربين من غزة إلى كيبوتس بئيري (اعتبارًا من الساعة 06:30 وحتى الساعة 06:45 من صباح الـ 7.10). 2. بداية الهجوم البري على بئيري (اعتبارًا من الساعة 06:45 وحتى الساعة 09:00 من صباح الـ 7.10). في هذه المرحلة تسلل المخربون الأوائل إلى أرض الكيبوتس من اتجاهين. القتال بأكمله خاضه فيهذه المرحلة أفراد وحدة الطوارئ المدنية وسكان الكيبوتس الذين انضموا إلى القتال. 3. تم احتلال الكيبوتس من قبل العدو (اعتبارًا من الساعة 09:00 صباحًا وحتى الساعة 13:30 ظهرًا في 7.10). طيلة هذه المرحلة استمر أفراد وحدة الطوارئ المدنية وسكان بئيري في القتال، وعملوا على تشكيل خط دفاعي لكبح الهجوم. وصلت القوة الأولى التابعة لجيش الدفاع، وأصيبت، ونقلت الجرحى، وغادرت البلدة لتتمركز عند مدخل الكيبوتس حيث حاربت المخربين الذين وصلوا إلى بوابة الدخول. وحتى انتهاء هذه المرحلة يقدم العدو على كافة عمليات الاختطاف من بئيري. في ظل تعدد ساحات الهجوم والصعوبة العملياتية في التنقل عبر المحاور ونقل القوات العضوية، تقرر تعيين قائد رفيع المستوى يتولى قيادة القوات التي وصلت إلى المنطقة وإدارة القتال. 4. مرحلة كبح العدو (اعتبارًا من الساعة 13:30 ظهرًا وحتى الساعة 22:00 ليلاً في 7.10). في هذه المرحلة يبدأ وصول قوات بأعداد أكبر إلى بئيري. عند الساعة 16:15 عصرًا تصل فرقة "هبازاك" (99) إلى بئيري لتباشر تنظيم القيادة والسيطرة. قُبيل الساعة 18:00 مساءً يخوض حوالي 700 مقاتل تابع لجيش الدفاع وأجهزة الأمن القتال في منطقة الكيبوتس. اعتبارًا من ساعات ما بعد الظهر يبدأ مجهود إجلاء السكان. 5. استعادة السيطرة العملياتية على أراضي الكيبوتس (اعتبارًا من الساعة 22:00 ليلاً وحتى الساعة 05:00 فجرًا من ليلة ما بين الـ7.10 والـ 8.10). في هذه المرحلة يتم تنفيذ جل عملية إجلاء السكان والانتهاء من تمشيط معظم أراضي الكيبوتس. وفي نهاية المطاف يتم تحقيق السيطرة العملياتية لأجهزة الأمن على بئيري. 6. تمشيط واستكمال عملية تطهير الكيبوتس (اعتبارًا من الساعة05:00 فجرًا وحتى الساعة 15:00 ظهرًا في 8.10). في هذه المرحلة تتم إعادة تمشيط الكيبوتس ويستمر القتال في عدة أماكن محدودة.
*فيما يلي خلاصة الاستنتاجات التي وصل إليها تحقيق بئيري:*
أ. الفجوة في سيناريو الحرب والجاهزية - جيش الدفاع لم يكن جاهزًا للتعامل مع سيناريو التسلل واسع النطاق الذي وقع في السابع من أكتوبر، والذي شمل تعدد مناطق التسلل على يد آلاف المخربين الذين شنوا الهجوم على العشرات من الأماكن بشكل متزامن. إذ تناول سيناريو الحرب عمليات التسلل المعدودة والموضعية. وقد تدربت القوات استعدادًا لهذا السيناريو وبناءً عليه تم تحديد انتشار القوات. في ضوء ذلك، لم تتواجد في المنطقة قوات احتياطية إضافية كان يمكن إرسالها إلى بئيري. تم إرسال كافة القوات التعزيزية إلى المنطقة على أن يتم النظر في أمر تشغيلها في التحقيق العام. ولا يزال موضوع الاستعدادات وسيناريو الحرب قيد الدراسة هذه الأيام في إطار التحقيق واسع النطاق في التصور الدفاعي والاستخباراتي.
ب. بلورة صورة الوضع - وجد جيش الدفاع صعوبة في تشكيل صورة واضحة لما جرى في الكيبوتس حتى ساعات بعد ظهر السابع من أكتوبر، مع أن فريق الطوارئ البلدي كان يملك صورة محدثة للأوضاع في الكيبوتس خلال ساعات الصباح. ويتبين من التحقيق أن أجهزة الأمن لم تقدم إنذارًا كافيًا لسكان بئيري بشأن تسلل مخربين طيلة الساعات الأولى من الهجوم الإرهابي.
ج. بداية القتال في الكيبوتس - حتى الساعة 13:30 ظهرًا دار القتال داخل الكيبوتس استنادًا إلى وحدات الطوارئ المدنية والسكان. على مدار الساعات السبع الأولى من القتال اضطر سكان الكيبوتس للدفاع عن أنفسهم بأنفسهم، حيث كان عملهم وسعة حيلتهم هما اللذان كبحا العدو وحالا دون توسيع هجومه ليشمل أحياء إضافية. وواصل السكان القتال حتى بعد وصول قوات جيش الدفاع، حيث وجهوها وقاتلوا إلى جانبها.
د. القيادة والسيطرة - بسبب كثرة ساحات القتال وصعوبة بلورة صورة الوضع، تميز القتال في المنطقة خلال الساعات الأولى بانعدام القيادة والسيطرة وقلة التنسيق والتنظيم بين مختلف القوات والوحدات. مما تسبب بعدة أحداث حيث تراكمت قوات أجهزة الأمن عند مدخل الكيبوتس ولم تخض القتال فورًا. وقد عاد ذلك إلى عدة أسباب منها: قوات لم تخض القتال بناءً على قرار القائد وبحكم انتظارها مهمة إجلاء السكان من بئيري، قوات خاضت القتال ثم غادرت الكيبوتس بأمر من القائد، قوات دخلت بعد حوالي الساعة بسبب انتظارها قائد القوة والقوات وغرف القيادة الأمامية التي تواجدت خارج البلدة بصفتها قوات توفر الغطاء. وكانت العديد من ساحات القتال تتميز بقلة التنظيم هذه خلال السابع من أكتوبر، حيث يجري التحقيق فيها هذه الأيام في إطار التحقيق العام. بسبب تعدد الساحات وضرورة إيجاد حلول عاجلة تم تعيين قائد رفيع المستوى لكل ساحة قتال رئيسية والذي كُلف بتشغيل القوات التي كانت ستصل إلى المنطقة على نحو مثالي ومنسق، تجنبًا للاعتماد على القوات العضوية وهو ما كان سيستغرق فترة طويلة. إن قرار هيئة الأركان العامة وقيادة المنطقة الجنوبية تكليف البريغادير باراك حيرم مهمة قيادة المنطقة وبعدها بئيري كان ذا أهمية كبرى في زيادة الفعالية العملياتية في مواجهة العدو، وتقديم الاستجابة للسكان، وخلق الوضوح في صورة الوضع والقيادة الصحيحة للقوات المقاتلة. ويشار إلى أنها كانت تُعد لحظة" قلب الطاولة" التي أفضت إلى تحقيق السيطرة المجددة على البلدة. إلى جانب الأخطاء العملياتية والأخطاء في ممارسة القوة، ذكر فريق التحقيق أن القتال في بئيري شمل سلسلة أفعال البطولة والشجاعة المتناهية من قبل القوات المقاتلة، والقادة وقوات أجهزة الأمن الذين حاربوا في الكيبوتس وساهموا في إنقاذ العديد من السكان.
هـ. تعامل القوات مع المدنيين - كانت هناك حالات حيث تعاطت القوات بصورة غير لائقة مع المدنيين، وهو ما وجد تعبيره من خلال طريقة تأمين السكان الذين تم إجلاؤهم وتلبية الاحتياجات الأساسية من قبل أجهزة الأمن.
و. حادثة الرهائن في منزل بيسي كوهين رحمها الله - وجد الفريق أن القوات تصرفت خلال هذه الحادثة ضمن محور القيادة والسيطرة المرتب، الذي شمل القيادة من غرفة قيادة أمامية تابعة للوحدة الشرطية الخاصة، وجهاز الأمن العام وجيش الدفاع، ومع الحصول على المرافقة الاستخباراتية والجوية في الوقت الحقيقي. ويتبين من التحقيق أنه في ظل الظروف المركبة والصعبة التي سادت، اتخذ القادة والقوات الذين تصرفوا في هذه الحادثة قرارات مهنية ومسؤولة، واستنفدوا جهود التفاوض على أكمل وجه. إطلاق النيران من دبابة باتجاه محيط المنزل تم تنفيذه بشكل مهني، بناءً على قرار مشترك للقادة من كافة المنظمات، وبعد التفكير وتقييم الوضع ومن أجل ممارسة الضغط على المخربين وإنقاذ الرهائن. وبعد سماع أصوات إطلاق النار من المنزل وإعلان المخربين نيتهم الانتحار وقتل الرهائن، اتخذت القوات قرار اقتحامه في محاولة لإنقاذ الرهائن، وخاضت عملية قتالية وسط ظروف صعبة.