إنّهم شهداءُ هذا الوطنِ المكلومِ المجروح، إنّهم أصحابُ النّفوس الصّادقة الطّريّة، والذّكريات الطّيّبة النّديّة، الّذين غابوا عنّا صورةً ليظلّوا في القلبِ سُكّانًا إلى الأبد.
لكلّ واحدٍ منهم اسمٌ وصورةٌ وحكاية.
لكلّ واحدٍ منهم حلمٌ صغير لن يرى النّور بعد ذاكَ اليوم الأسود العصيب.
إنّهم شُهداءُ الطّائفةِ وشموسِ المجدل الغائبة، أحبّاؤنا الرّاحلين: فجر ليث أبو صالح، أمير ربيع أبو صالح، حازم أكرم أبو صالح، جون وديع إبراهيم، إيزيل نشأت أيّوب، فينيس أدهم صفدي، يزن نايف أبو صالح، ألما أيمن فخرالدّين، ناجي طاهر حلبي، ميلار معضاد الشّعّار، ناظم فاخر صعب، جيفارا ابراهيم ابراهيم – لهم المغفرةُ ولذويهم من بعدهِم جميل الصبر والسّلوان.
حول ذكرى هذه الأرواحِ الطّفوليّة البريئة، تجتمعُ الطّائفةُ الدّرزيّةُ أينما حلّتْ، ويبكي العالمُ والنّاس.
ذكرياتٌ بقدر ما فيها من ألمٍ وأسفٍ وغصة، أتتنا تذكارًا إنسانيًّا واضحًا، لتؤكّد لنا أنّ الدّنيا لا زالتْ بخير.
هذا، بعدما اجتمع العالم على استنكار فظاعة هذه المجزرة البشعة، الّتي لعلّها تحرّك أصحاب الضّمير في العالم لوقف ويلات الحروب وزرع بذور السّلام.
يشهد على ذلك آلافُ المعزّين الّذين حضروا الى مجدل شمس من كافّة أطياف المجتمع، مجتمعين على الألم واستنكار هول الحادث، وآلاف الاتصالات والرسائلِ والبرقيات، كلّها تحمل صدقَ مشاعرِ المواساة، وتؤكّدُ على عُمق وثباتِ القاسمِ الجامع المشترك: أولادُنا، أولادُ الإنسانيةِ جمعاء، هُم فوق الحروبِ وفوقَ الاقتتال وفوق كُلّ السّياسات.
في مثل هذا الموقف الحقّ، لابد من تقديمِ كلمة شكرْ وتقديرٍ وعرفان، إلى كل من بادر بتقديم التّعازي إلينا من سوريا ولبنان والأردن والإمارات ومصر والسّلطة الفلسطينيّة وحتّى السعودية، ومن جميع الأوطان والدّول العربيّة وبلدان العالم أجمع، ولكلّ من تكبّد مشقّةَ السّفرِ لتقديم التعازي في جولس، وفي موقع الأحداثِ في الجولان، مؤكّدين على ما في هذه المواقفِ الإنسانيّةِ من دلائلِ المحبة وأخلاقيّات الوفاء والمودّة، في التّخفيف عنّا ألمَ ووقعَ هذا المصاب.
لعوائل مجدل شمس الثاكلة نقول: أولادُكُم أولادُنا، وموقفُكُم موقفُنا، وألمكُم كان وسيبقى ألَمَنا. كلّنا معكم والصّوتُ والنداءُ واحد: يا ليتَ نيرانُ الحروبِ تُخْمَدُ وتُطفَأُ، لتُزهِرَ براعمُ السّلامُ في أرضِ السلام.
نُحيّي موقف أهلنا والعائلات الثّاكلة وموقف أبناء الطائفة الدّرزيّة في تحكيم العقل والتصرّف المسؤول لتجاوز هذه الأيّام العصيبة.
مرّةُ أخرى، نعزيكم ونعزي أنفسنا بهذا الرّحيل الصّعبّ المرّ، ونُكرّسُ خالصَ دعائِنا للمُصابين الّذين نرجو لهم حُسنَ الصّحّة والشّفاء، داعين لكلّ مكلومٍ مكسورٍ حزين، ومُشتاقٍ ثاكلٍ يعيشُ على الذّكرى والحنين، ببردِ الرّضا والسّلوانِ وتفريجِ الهموم والكروب، وبجميل الصّبر والتّسليم لأمر الخالق الحكيم.
آجركم الله جميعًا وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
أخوكم الأسيف
موفق طريف
مجدل شمس - 03/08/2024