بقلم : النائب سعيد نفاع
ملاحظة: ردّا أصفرا في سلّم الشارات الضوئيّة على بيان "رباعي" : جهات درزيّة ترفض انضمام سعيد نفاع إليها !
على ذمّة طيّب الذكر الكاتب السوري سعد الله ونّوس أن ملكا اقتنى فيلا عاث في مزارع الرعيّة فسادا لا يحتمل إلى أن بلغت معاناتهم الزّبى، فقرروا بناء على مشورة أحدهم الشكوى للملك. كانت المعضلة من ذا الذي سيأخذ على عاتقه مواجهة الملك، فتنطح أحدهم للمهمة ليس قبل أن يضمن دعم الرعيّة وعلى هذا الشكل:
يطلبون مقابلة الملك ويسير هذا "المتنطح" في طليعة الوفد وهم وراءه ويتوجه هو للملك قائلا: "الفيل يا ملك الزمان" فيردد الجمع وراءه أمام الملك ما معناه أن الفيل "يا ملك الزمان" خرّب بيوتنا وأتلف مزروعاتنا ووو... فيرى الملك أن الرعيّة موحدة الموقف فيشفع لحالهم و"يظبّ" الفيل.
وهكذا كان وفي اليوم المحدد توجه الجمع لمقابلة الملك وعندما مثلوا بين يديه صاح صاحبنا: الفيل يا ملك الزمان !
لكنه لم يسمع بنت شفة من الجمع، فحسبهم لم يسمعوه فأعاد الكرّة بصوت أعلى دون أن يسمع شيء، وعند الثالثة التفت وراءه وإذا الجمع ينسلّ والملك الذي ضاق ذرعا يصيح به: ما له الفيل يا هذا؟!
فما كان منه إلا أن استدرك أمام سوء المصير المنتظر مجيبا: حرام يبقى وحيد، بدو فيلة !
هذا المشهد يمثّل الخطأ الذي ارتكبه وليد جنبلاط في سنواته العجاف حين رأى في سوريّة والمقاومة الملك ورأى في حلفاء لا يُشبِعون من جوع ولا يَروون من عطش الرعيّة. وهذا تماما ما قيل له على يد من لم يهن عليهم خياره الخاطيء، نحن، وبشكل واضح وصريح ووجاهيّ ودون أن يفسد ذلك للود قضيّة، ولكن ضجيج الرعيّة حينها كان يصمّ الآذان على ما يبدو فلم يسمعنا، وعندما قرر قراره أن يعود كنّا من أوائل من عرفنا ذلك وقبل أن يُعلن وعلى خلفيّة التذكير بحكاية: "الفيل يا ملك الزمان".
وجه هذا الكلام هو كثرة الأقلام التي تناولت جنبلاط وما زالت تتناوله محليّة وإقليميّة وبعضها يشكك في عودته إلى المتراس الذي انطلق منه لدرجة تراك كقاريء تشعر أنها "لا يهون على" هذه الأقلام تراجعه عن خطئه (ليبقى لهم عجل ينطحونه أمام عجزهم عن مناطحة الثور) ولتحسبنّ أحيانا وكأن مفاتيح الحل والربط في المنطقة في يديه وهو ليس كذالك!
بغضّ النظر عن ذلك وما يهمّنا في هذه المعالجة هو "دحش" هؤلاء بسياق وبغير سياق علاقة ميثاق الأحرار العرب الدروز والموقِّع أدناه بوليد جنبلاط، وتصنيفهم العلاقة بيننا مرّة "بشرقيّة ومرّة بغربيّة" مرّة بقومجيّة فارغة ومرة بطائفيّة مهلهلة والمصطلحات في لغتنا التخوينيّة والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه كثيرة. كل ذلك يجيء لتصفية حسابات حزبيّة وشخصيّة من هنا ومن هناك تبعا لقانون القصور الذاتيّ الفيزيائي، فيلتقي مناضل شيوعي إسرائيلي مقيم في لندن مع صهيوني مقيم في قرية عسفيا ومع قوميّ مقيم دائم في مكتب جسدا وراحل ذهنا إلى ما وراء الصحراء ومع أمميّ مقيم بين صفحات كتب رماد جثمان ستالين!
بتطرقي لهؤلاء خرجت عن العادة متّبعا طرق بعضهم توريّة وغمزا ولمزا كعادتهم المزمنة في القذع وفقط بسبب إصرارهم على "دحشهم" اسمنا في مواقفهم من جنبلاط بغض النظر عن صحتها أو عدمها، فلو اكتفوا بهجومهم عليه لما أتعبنا أنفسنا فلسنا محامي دفاع عنه. بتطرقنا لهم نقول لهم:
أولا: علاقتنا بوليد جنبلاط هي عروبيّة وهذه أسسها ولها مردودها المحليّ وهذا مصدر قلقهم. ونذكّر من تنفع لديه الذكرى أننا كنّا نحن الوحيدون الذين أصدرنا بيانا وُزّع على كل وسائل الإعلام المحليّة والعربيّة ونُشر في الكثير منها أدنّا فيه خروجه عن الصف العروبيّ وتهجّمه على سوريّة والمقاومة.
لا نقول هذا دفاعا عن أنفسنا رغم ما يُستشف منه وكأنه كذلك ولكن نقوله لنذكّر أولاء والمعتمدين عل قصر ذاكرة الناس ليبثّوا حقدهم وكيديّتهم وقصوراتهم الشخصيّة أمام المدّ الذي يشهده ميثاق الأحرار العرب الدروز في الساحة الوطنيّة.
ثانيا: الغريب العجيب أن تهجّم أولاء على الميثاق والموقّع أدناه ولجنة التواصل الأصليّة، يجيء متزامنا مع الهجمة المؤسساتيّة بملاحقة الميثاق ورئيسه الموقّع أدناه وسبعة أعضاء رئاسة وفد التواصل إلى سوريّة (ما عدا رئيس الوفد!) واتهامهم أمام القضاء الإسرائيلي.
وأخيرا: يكفي الميثاق والتواصل ذخرا أن يحضر إحياءهم ذكرى الخالدين الأطرش وجنبلاط في يركا قرابة ال-500 في حين يحضر اجتماع هؤلاء المقابل في بيت جن مجتمعين قرابة ال-50. والميدان خير البراهين ولك في المواقع الإلكترونيّة المصوّرة البيّنة.
ويكفيه أنه لم يضيّع البوصلة العروبيّة بعد أن اختارها أعضاؤه عندما اختلت عقارب البوصلات الأخرى وبقيت بوصلته كذلك وفي عزّ الخلاف إذا صحّ التعبير، بين وليد جنبلاط وسوريّة فانطلق الميثاق بوفد التواصل الكبير أيلول 2007 إلى سوريّة الذي يدفع ثمنه مقاضاة أمام المحاكم الإسرائيليّة وهؤلاء من المتفرجين !